اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَأَصۡحَٰبُ ٱلشِّمَالِ مَآ أَصۡحَٰبُ ٱلشِّمَالِ} (41)

قوله : { وَأَصْحَابُ الشمال مَا أَصْحَابُ الشمال } .

لما ذكر منازل أهل الجنة وسمَّاهم أصحاب اليمين ، ذكر منازل أهل النَّار ، وسمَّاهم أصحاب الشمال ؛ لأنهم يأخذون كتبهم بشمائلهم ، ثم عظم ذكرهم في البلاء والعذاب ، فقال : { مَا أَصْحَابُ الشمال فِي سَمُومٍ } وهي الريح الحارة التي تدخل في مسام البدن ، والمراد بها حر النار ولهيبها .

وقيل : ريح حارة تهب فتمرض أو تقتل ، وأصله من السم كسمّ الحية والعقرب وغيرهما .

قال ابن الخطيب{[54902]} : «ويحتمل أن يكون هو السّم ، والسّم يقال في خرم الإبرة ، قال تعالى : { حتى يَلِجَ الجمل فِي سَمِّ الخياط } [ الأعراف : 40 ] ؛ لأن سم الأفعى ينفذ في مسام البدن » .

وقيل : السموم يختص بما يهبّ ليلاً ، وعلى هذا فقوله : «سَمُومٍ » إشارة إلى ظلمة ما هم فيه .

و«الحَمِيم » : هو الماء الحارّ الذي قد انتهى حره ، فهو «فَعِيل » بمعنى «فاعل » من حَمِمَ الماء ، أو بمعنى «مفعول » من حم الماء إذا سخنه .


[54902]:ينظر: الفخر الرازي 29/147.