اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَكَانُواْ يَقُولُونَ أَئِذَا مِتۡنَا وَكُنَّا تُرَابٗا وَعِظَٰمًا أَءِنَّا لَمَبۡعُوثُونَ} (47)

قوله تعالى : { وَكَانُواْ يقُولُونَ أَئذَا مِتْنَا } الآية .

هذا استبعاد منهم للبعث وتكذيب له ، وقد تقدّم الكلام على ذلك في «والصَّافات » ، وتقدم الكلام على الاستفهامين في سورة «الرَّعْد » .

فإن قيل : كيف أتى ب «اللام » المؤكدة في قوله تعالى : { لَمَبْعُوثُونَ } ، مع أن المراد هو النفي ، وفي النفي لا تدخل «اللام » في خبر «إنَّ » ، تقول : «إنَّ زيداً ليجيء ، وإنَّ زيداً لا يجيء » فلا تذكر «اللام » ، ومرادهم بالاستفهام : الإنكار ، بمعنى إنا لا نبعث ؟ .

فالجواب من وجهين :

أحدهما : عند التصريح بالنفي وصيغته ، يجب التصريح بالنفي وصيغته .

والثاني : أنهم أرادوا تكذيب من يخبر عن البعث ، فذكروا أن المخبر عنه يبالغ في الإخبار ، ونحن ننكر مبالغته وتأكيده ، فحكوا{[54924]} كلام المخبر على طريقة الاستفهام والإنكار ، ثم إنهم أشاروا في الإنكار إلى أمور اعتقدوها مقررة لصحة إنكارهم ، فقالوا : «أئِذَا مِتْنَا » ثم لم يقتصروا عليه ، بل قالوا بعده : { وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً } أي : وطال عهدنا بعد كوننا أمواتاً حتى صارت اللحوم تراباً ، والعظامُ رفاتاً ثم زادوا وقالوا : مع هذا يقال لنا : إنكم لمبعوثون بطريق التأكيد من ثلاثة أوجه :

أحدها : استعمال «إنَّ » .

ثانيها : إثبات «اللام » في خبرها .

ثالثها : ترك صيغة الاستقبال ، والإتيان بالمفعول كأنه كائن .


[54924]:في أ: فحملوا.