قرأ الأخوان{[54795]} : بجرّ «حُورٍ عينٍ » .
والنخعي{[54796]} : «وحيرٍ عينٍ » بقلب الواو ياء وجرهما .
وأبيّ وعبد{[54797]} الله قال القرطبي والأشهب العقيلي وعيسى بن عمر الثقفي ، وهو كذلك في مصحف أبيّ : «وحُوراً عيناً » بنصبهما .
فأما الجر فمن أوجه{[54798]} :
أحدها : أنه عطف على «جنَّات النَّعيم » كأنه قيل : هم في جنات وفاكهة ولحم وحور ؛ قاله الزمخشري{[54799]} .
قال أبو حيان{[54800]} : «وهذا فيه بعد وتفكيك كلام مرتبط بعضه ببعض ، وهو فهم{[54801]} أعجمي » .
قال شهاب الدين{[54802]} : «والذي ذهب إليه الزمخشري معنى حسن جدًّا ، وهو على حذف مضاف أي : وفي مقارنة حور ، وهو الذي عناه الزمخشري ، وقد صرح غيره بتقدير هذا المضاف » .
وقال الفرَّاء{[54803]} : الجر على الإتباع في اللفظ ، وإن اختلفا في المعنى ؛ لأن الحور لا يُطاف بهنّ .
إذَا مَا الغَانِيَاتُ بَرَزْنَ يَوْماً *** وزَجَّجْنَ الحَواجِبَ والعُيُونَا{[54804]}
والعين لا تُزَجَّجُ ، وإنَّما تُكَحَّل .
ورَأيْتُ زَوْجَكِ في الوَغَى *** مُتَقَلِّداً سَيْفاً ورُمْحَا{[54805]}
الثاني : أنه معطوف على «بِأكْوَابٍ » ، وذلك بتجوّز في قوله : «يَطُوفُ » ؛ إذ معناه ينعمون فيها بأكواب ، وبكذا ، وبحور . قاله الزمخشري .
الثالث : أنه معطوف عليه حقيقة ، وأن الولدان يطوفون عليهم بالحور أيضاً فإن فيه لذة لهم إذا طافوا عليهم بالمأكول ؛ والمشروب ، والمتفكه به ، والمنكوح ، وإلى هذا ذهب أبو عمرو بن العلاء وقطرب .
ولا التفات إلى قول أبي البقاء : عطفاً على «أكْوَاب » في اللَّفظ دون المعنى ؛ لأن الحور لا يُطافُ بها .
أحدها : عطفاً على «ولْدَان » .
أي : أن الحور يطفن عليهم بذلك كالولائد في الدُّنيا .
وقال أبو البقاء{[54806]} : «أي يَطُفْن عليهم للتَّنعيم لا للخِدْمَة » .
قال شهاب الدين{[54807]} : «وهو للخدمة أبلغ ؛ لأنهم إذا خدمهم مثل أولئك ، فما الظَّن بالمَوطُوءَات » .
الثاني : أن يعطف على الضمير المستكنّ في «متكئين » ، وسوغ ذلك الفصل بما بينهما .
الثالث : أن يعطف على مبتدأ وخبر حذفا معاً ، تقديره : «لهم هذا كله وحور عين » قاله أبو حيَّان{[54808]} .
وفيه نظر ؛ لأنه إنما يعطف على المبتدأ وحده ، وذلك الخبر له ، ولما عطف هو عليه .
الرابع : أن يكون مبتدأ خبره مضمر ، تقديره : ولهم ، أو فيها ، أو ثمَّ حور{[54809]} .
وقال الزمخشري{[54810]} : «عطف على وفيها حور عين ، كبيت الكتاب » .
يريد : كتاب سيبويه ، والمرادُ بالبيت قولهُ : [ الكامل ]
بَادَتْ وغَيَّرَ آيَهُنَّ مَعَ البِلَى *** إلاَّ رَواكِدَ جَمْرُهُنَّ هَبَاء
ومُشَجَّجٌ أمَّا سواءُ قَذالِهِ *** فَبَدا وغيَّر سارهُ المَعْزاءُ{[54811]}
عطف «مشجج » وهو مرفوع على «رواكد » ، وهو منصوب .
الخامس : أن يكون خبراً لمبتدأ مضمر ، أي : نساؤهم حور . قاله أبو البقاء{[54812]} .
قال الكسائي : ومن قال : «وحُورٌ عينٌ » بالرَّفع ، وعلل بأنه لا يطاف بهن يلزمه ذلك في «فَاكِهَةٍ ولحْمٍ » ؛ لأن ذلك لا يطاف به ، وليس يطاف إلاَّ بالخمر وحدها .
أحدهما : أنه منصوب بإضمار فعل ، أي : يعطون ، أو يؤتون حوراً .
والثاني : أن يكون محمولاً على معنى «يطُوفُ عَليْهِمْ » ؛ لأن معناه : يعطون كذا وكذا ، فعطف هذا عليه .
وقال مكي{[54813]} : «ويجوز النَّصب على أن يحمل أيضاً على المعنى ؛ لأن معنى «يطوف عليهم ولدان » بكذا وكذا ، أي : يعطون كذا وكذا ، ثم عطف «حوراً » على معناه » ، فكأنه لم يطلع [ على أنها ]{[54814]} قراءة .
وأمَّا قراءة : «وحِيرٍ » فلمُجاورتها «عِين » ، ولأن الياء أخف من الواو ، ونظيره في التَّعبير للمجاورة قولهم : «أخذه ما قدُم وما حدُث » - بضم دال - «حدُث » لأجل «قَدُم » ، وإذا أفرد منه فتحت داله فقط .
وقوله عليه الصلاة والسلام : «ورَبَّ السَّماواتِ وما أظْلَلْنَ ، وربَّ الشَّياطين ومنْ أضْلَلْن »{[54815]} .
[ وقوله : «أيَّتُكُنَّ صاحبةُ الجملِ الأدْبَبِ ، يَنْبَحُها كلاب الحوْأب »{[54816]} ، فكَّ الأدبب لأجل الحَوأبِ ] {[54817]} .
وقرأ قتادة{[54818]} : «وحورُ عِينٍ » بالرفع والإضافة ل «عين » .
وابن مقسم{[54819]} : بالنَّصب والإضافة .
وقد تقدم توجيه الرفع والنَّصْب .
وأما بالإضافة : فمن إضافة الموصوف لصفته مؤولاً{[54820]} .
وقرأ عكرمة{[54821]} : [ «وحَوْرَاء عَيْنَاء » بإفرادهما على إرادة الجنس ] {[54822]} .
وهذه القراءة تحتمل وجهين{[54823]} :
أحدهما : أن يكون نصباً كقراءة عبد الله وأبيٍّ .
وأن يكون جرًّا كقراءة الأخوين ؛ لأن هذين الاسمين لا يتصرَّفان ، فهما محتملان للوجهين .
وتقدم الكلام في اشتقاق العين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.