اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{ٱلنَّارِ ذَاتِ ٱلۡوَقُودِ} (5)

قوله : { النار } . العامة : على جرها ، وفيها أوجه :

أحدها : أنه بدل من «الأخدود » بدل اشتمال ؛ لأن «الأخدود » مشتمل عليها ، وحينئذ فلا بد من الضمير .

فقال البصريون : مقدرٌ ، تقديره : النار .

وقال الكوفيون : «أل » قائمةٌ مقام الضمير ، تقديره : ناره ، ثم حذف الضمير ، وعوِّض عنه «أل » [ وتقدم البحث معه في ذلك ]{[59765]} .

الثاني : أنَّه بدل من كل ، ولا بد حينئذ من حذف مضاف ، تقديره : أخدود النار .

الثالث : أن التقدير : ذي النَّار ؛ لأنَّ الأخدود هو الشق في الأرض ، حكاه أبو البقاء{[59766]} .

وهذا يفهم أنَّ النَّار خفض بالإضافة لتلك الصفة المحذوفة ، فما حذف المضاف قام المضاف إليه مقامه في الإعراب ، واتفق أن المحذوف كان مجروراً ، وقوله : إن الأخدود هو الشق ، تعليل بصحة كونه صاحب نار .

الرابع : أن النار خفض على الجوار ، نقله مكيٌّ عن الكوفيين .

وهذا يقتضي أن النار كانت مستحقة لغير الجر ، فعدل عنه إلى الجر للجوار ، والذي يقتضي الحال أنه عدل عن الرفع ، ويدل على ذلك أنه قد{[59767]} قرئ في الشاذ : «النَّارُ » رفعاً ، والرفع على أنه خبر ابتداء مضمر ، تقديره : هي النار وقيل : بل هي مرفوعة على الفاعلية تقديره قتلهم : أي : أحرقتهم ، والمراد حينئذ بأصحاب الأخدود : المؤمنون .

وقرأ العامة : «الوَقُودِ » بفتح الواو ، والحسنُ ، وأبو رجاء ، وأبو حيوة{[59768]} ، وعيسى : بضمها ، وتقدمت القراءتان في أول «البقرة » .


[59765]:سقط من: ب.
[59766]:ينظر: الإملاء 2/284.
[59767]:ينظر: المحرر الوجيز 5/462، والبحر المحيط 8/444، والدر المصون 6/503.
[59768]:ينظر: السابق.