تفسير العز بن عبد السلام - العز بن عبد السلام  
{إِنَّا عَرَضۡنَا ٱلۡأَمَانَةَ عَلَى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱلۡجِبَالِ فَأَبَيۡنَ أَن يَحۡمِلۡنَهَا وَأَشۡفَقۡنَ مِنۡهَا وَحَمَلَهَا ٱلۡإِنسَٰنُۖ إِنَّهُۥ كَانَ ظَلُومٗا جَهُولٗا} (72)

{ الأمانة } ما أُمروا به ونهوا عنه ، أو الفرائض والأحكام الواجبة على العباد " ع " أو ائتمان النساء والرجال على الفروج ، أو الأمانة التي يأتمن الناس بعضهم بعضاً عليها ، أو ما أودعه في هذه المخلوقات من الدلائل على الربوبية أن يظهروها فأظهروها إلا الإنسان فإنه كتمها وجحدها ، وعرضها إظهار ما يجب من حفظها وعظم المأثم في تضييعها ، أو عورضت بالسماوات والأرض والجبال فكانت أثقل منها لتغليظ حكمها فلم تستقل بها وضعفت عن حملها ، أو عرض الله -تعالى- حملها ليكون الدخول فيها بعد العلم بها فعرضها الله -تعالى- على السموات والأرض والجبال " ع " ، أو على أهل السموات وأهل الأرض وأهل الجبال من الملائكة " ح " { وأشفقن منها } حذرا { وحَمَلَها الإنسان } تقصيرا ، أو أَبَيْنَ حملها عجزا وأشفقن منها خوفا { وحَمَلَها الإنسان } الجنس ، أو آدم عليه الصلاة والسلام ثم انتقلت إلى ولده " ح " لما عرضت عليهن قلن وما فيها قيل إن أحسنت جُوزيت وإن أسأت عُوقبتِ قالت لا ، فلما خلق آدم عليه الصلاة والسلام عرضها عليه فقال وما هي قال إن أحسنت أجرتك وأن أسأت عذبتك قال فقد حملتها يا رب . فما كان بين أن حملها إلى أن خرج من الجنة إلا كما بين الظهر والعصر { ظَلوما } لنفسه { جهولا } بربه " ح " ، أو ظلوماً في خطيئته جهولا بما حَمَّل ولده من بعده ، أو ظلوماً بحقها جهولاً بعاقبة أمره .