مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{إِذۡ أَوَى ٱلۡفِتۡيَةُ إِلَى ٱلۡكَهۡفِ فَقَالُواْ رَبَّنَآ ءَاتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحۡمَةٗ وَهَيِّئۡ لَنَا مِنۡ أَمۡرِنَا رَشَدٗا} (10)

ثم قال تعالى : { إذ أوى الفتية إلى الكهف } لا يجوز أن يكون إذ هنا متعلقا بما قبله على تقدير أم حسبت إذ أوى الفتية لأنه كان بين النبي وبينهم مدة طويلة فلم يتعلق الحسبان بذلك الوقت الذي أووا فيه إلى الكهف بل يتعلق بمحذوف ، والتقدير اذكر إذ أوى ، ومعنى أوى الفتية في الكهف صاروا إليه وجعلوه مأواهم قال فقالوا : { ربنا آتنا من لدنك رحمة } أي رحمة من خزائن رحمتك وجلائل فضلك وإحسانك وهي الهداية بالمعرفة والصبر والرزق والأمن من الأعداء وقوله { من لدنك } يدل على عظمة تلك الرحمة وهي التي تكون لائقة بفضل الله تعالى وواسع جوده { وهيئ لنا } أي أصلح من قولك هيأت الأمر فتهيأ : { من أمرنا رشدا } الرشد والرشاد نقيض الضلال وفي تفسير اللفظ وجهان . الأول : التقدير وهيئ لنا أمرا ذا رشد حتى نكون بسببه راشدين مهتدين . الثاني : اجعل أمرنا رشدا كله كقولك رأيت منك رشدا