التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{لَن تَنَالُواْ ٱلۡبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَۚ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيۡءٖ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِۦ عَلِيمٞ} (92)

قوله تعالى : ( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم ) ( تنالوا ) ، من النوال ، وهو العطاء . فقوله : ( تنالوا ) أي تعطوا

و ( البر ) معناه الجنة . وقيل : العمل الصالح ، و ( تنفقوا ) منصوب بأن المضمرة بعد حتى لانتهاء الغاية .

والمعنى الذي دل عليه ظاهر هذه الآية أن أحدا لن يعطى الجنة أو يكون في عداد الأبرار والصالحين حتى يبذل في وجوه الخير والإحسان من أفضل أمواله ، فهو بذلك يعمد في همة وسخاء إلى الإنفاق من كرائم أمواله لا يصده عن ذلك شح ولا أثره .

أما المراد بالإنفاق المطلوب ، فقيل : أراد به الزكاة المفروضة . وقيل : كل شيء أنفقه المسلم من ماله مبتغيا به وجه الله . وقيل : البر كل عمل صالح وهو في تقديري الصواب ، خلافا للقول بأنه الزكاة المفروضة ؛ لأن هذه من أحكامها أن لا تؤخذ من كرائم أموال الناس ، أما في الآية هذه فثمة استنهاض للهمة والمشاعر ؛ كيما يسخو المسلم فيبذل مما يحب ، أي من خير ما يعجبه ويهواه من ماله .

قوله : ( وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم ) أي مهما تنفقوا من شيء فتصدقوا به من أموالكم فإن الله يعلمه وهو مجازيكم عليه{[519]} .


[519]:- تفسير الرازي جـ 8 ص 148 وتفسير الطبري جـ 3 ص 246.