التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{۞وَمَن يُسۡلِمۡ وَجۡهَهُۥٓ إِلَى ٱللَّهِ وَهُوَ مُحۡسِنٞ فَقَدِ ٱسۡتَمۡسَكَ بِٱلۡعُرۡوَةِ ٱلۡوُثۡقَىٰۗ وَإِلَى ٱللَّهِ عَٰقِبَةُ ٱلۡأُمُورِ} (22)

قوله تعالى : { وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ( 22 ) وَمَن كَفَرَ فَلا يَحْزُنكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ( 23 ) نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ } .

خص الوجه ؛ لأنه أشرف الأعضاء في الجسد من حيث الهيئة والصورة ، وفيه جماع الحواس . والمراد إسلام النفس كلها إلى الله بحسن التوجه إلى جنابه العظيم ، وتمام الخضوع والإذعان لجلاله الكريم ، والإقرار الكامل له بالإلهية ، والتجرد كليا من عبادة غيره من الأنداد والشركاء .

قوله : { وَهُوَ مُحْسِنٌ } مطيع لله فيما أمر ، ومُنته عما حذر منه أو زجر .

قوله : { فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى } عروة الثوب ، أي مدخل زره ، وعروة القميص أو الكوز ومحوهما : مقبضه . وجمعها عرى{[3658]} وتستعار العروة لما يوثَق به ويُعول عليه . و { الوثقى } القوية الثابتة . والوثيق أي الثابت المحكم . والموثق والميثاق بمعنى العهد{[3659]} والمعنى : أنه استعصم وتمسك بالحبل المتين المأمون انقطاعه . أو لا يخشى من تمسك به أن ينقطع .

وذلك هو شأن المؤمن الذي أخلص النية لله وأسلم وجهه إليه مُخبتا ومذعنا له بالامتثال والاستسلام . لا جرم أنه بذلك مستعصم بما لا ينقطع البتة ؛ لأنه رصين ومكين ومنيع .

قوله : { وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ } إلى الله تصير الخلائق والأعمال يوم القيامة .


[3658]:المعجم الوسيط ج 2 ص 597، وأساس البلاغة ص 418.
[3659]:العجم الوسيط ج 2 ص 1011، والمصباح المنير ج 2 ص 322.