اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{۞وَمَن يُسۡلِمۡ وَجۡهَهُۥٓ إِلَى ٱللَّهِ وَهُوَ مُحۡسِنٞ فَقَدِ ٱسۡتَمۡسَكَ بِٱلۡعُرۡوَةِ ٱلۡوُثۡقَىٰۗ وَإِلَى ٱللَّهِ عَٰقِبَةُ ٱلۡأُمُورِ} (22)

قوله : { وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى الله } قرأ عَليٌّ ( والسُّلَمِيُّ{[42548]} ) «يُسَلِّمْ » بالتشديد{[42549]} ، لما بين حال المشرك والمجادل{[42550]} في الله بين حال المستسلم المسلم لأمر الله وقوله : «وَهُو مُحْسِنٌ » أي لله يعني يخلص دينه لله ويفوض أمره إليه وهو محسن في عمله { فَقَدِ استمسك بالعروة الوثقى } أي اعتصم بالعهد الأوثق الذي لا يخاف انقطاعه لأن أوثق العُرَى جانب الله ، فإن كل ما عداه هالك منقطع وهو باقٍ لا انقطاع له { وإلى الله عَاقِبَةُ الأمور } يعني فقد استمسك بالعروة التي توصله إلى الله لأن عاقبةَ كُلِّ شيء إليه .

فإن قيل : كيف قال هَهُنَا : { وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى الله } ( فعداه «بإلى »{[42551]} وقال في البقرة : { بلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ للَّهِ } ) فعداه باللاّم ؟ فقال الزمخشري : أَسْلَمَ لِلّه{[42552]} أي إلى الله يعني أنَّ «أَسْلَمَ » يتعدى تارة «باللام » وتارة «بإلى » كما يتعدى «أرسل » تارة باللام ، وتارة «بإلى » قال تعالى : { وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ } [ النساء : 79 ] وقال : { كَمَا أَرْسَلْنا إلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً } [ المزمل : 15 ] .


[42548]:سقطت من "ب".
[42549]:إعراب القرآن للنحاس 4/287 ومختصر ابن خالويه 117 بنسبتها أيضاً إلى عبد الله بن مسلم بن يسار. والقرطبي 14/74 والكشاف 3/235 والبحر المحيط 7/190 ومعاني الفراء 2/329.
[42550]:في "ب" والمجاهد وهو تحريف.
[42551]:ما بين القوسين ساقط من "ب".
[42552]:الكشاف للزمخشري 3/235 قال: "فإن قلت: ما له عدي بإلى وقد عدي باللام في قوله: بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن؟ قلت: معناه مع اللام أنه جعل وجهه وهو ذاته ونفسه سالماً لله أي خالصاً له. ومعناه مع "إلى" أنه سلم إليه نفسه كما يسلم المتاع إلى الرجل إذا دفع إليه".