المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{فَبَدَّلَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوۡلًا غَيۡرَ ٱلَّذِي قِيلَ لَهُمۡ فَأَنزَلۡنَا عَلَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجۡزٗا مِّنَ ٱلسَّمَآءِ بِمَا كَانُواْ يَفۡسُقُونَ} (59)

قوله عز وجل( {[652]} ) :

فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ( 59 )

روي أنه لما جاؤوا الباب دخلوا من قبل أدبارهم القهقرى ، وفي الحديث( {[653]} ) أنهم دخلوا يزحفون على أستاههم ، وبدلوا فقالوا حبة في شعرة ، وقيل قالوا حنطة حبة حمراء فيها شعرة وقيل شعيرة .

وحكى الطبري أنهم قالوا حطي شمقاثا أزبة( {[654]} ) ، وتفسيره ما تقدم .

والرجز العذاب ، وقال ابن زيد ومقاتل وغيرهما : «إن الله تعالى بعث على الذين بدلوا ودخلوا على غير ما أمروا الطاعون فأذهب منهم سبعين ألفاً » ، وقال ابن عباس : «أمات الله منهم في ساعة واحدة نيفاً على عشرين ألفاً » .

وقرأ ابن محيصن «رُجزاً » بضم الراء ، وهي لغة في العذاب ، والرجر أيضاً اسم صنم مشهور .

والباء في قوله { بما } متعلقة ب { أنزلنا } ، وهي باء السبب .

و { يفسقون } معناه يخرجون عن طاعة الله ، وقرأ النخعي وابن وثاب «يفسِقون » بكسر السين ، يقال فسق يفسُق ويفسِق بضم السين وكسرها .


[652]:- استدل العلماء بهذه الآية الكريمة على أن تبديل الأقوال المنصوص عليها في الشريعة لا يخلو أن يقع التعبد بلفظها أو بمعناها، فإن كان التعبد وقع بلفظها فلا يجوز تبديلها لذم الله تعالى من يدل ما أمره به، وإن وقع بمعناها جاز تبديلها بما يؤدي إلى ذلك المعنى، ولا يجوز تبديلها بما يخرج عنه. وربما يدخل فيها مسألة نقل الحديث بالمعنى، والمراد أن الظالمين بدلوا قولا غير الذي قيل لهم- قولوا حطة فقالوا حنطة، وقيل لهم: ادخلوا الباب سجدا فدخلوا على أستاههم، فلقوا من البلاء ما لقوا.
[653]:- روى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قيل لبني إسرائيل ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة يغفر لكم خطاياكم فبدلوا فدخلوا الباب يزحفون على أستاههم، وقالوا حبة في شعرة"، وأخرج البخاري وقال: "فبدلوا وقالوا حطة حبة في شعرة". وفي غير الصحيحين: "حنطة في شعر".
[654]:- هي كلمة عبرانية، وتفسيرها ما تقدم أي "حنطة حمراء".