تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{فَبَدَّلَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوۡلًا غَيۡرَ ٱلَّذِي قِيلَ لَهُمۡ فَأَنزَلۡنَا عَلَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجۡزٗا مِّنَ ٱلسَّمَآءِ بِمَا كَانُواْ يَفۡسُقُونَ} (59)

ولكن ماذا كان من بني إسرائيل عند دخول بيت المقدس ؟ بل إنهم لم يفعلوا ما أمروا به ، ولم يقولوا ماكلفوا بقوله ، بل خالفوا ما أمروا به من قول وفعل ولذا قال تعالى : { فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم . . . }

المفردات :

فبدل . . قولا غير الذي قيل : أي جاء بذلك القول مكان القول الأول .

والرجز : العذاب .

التفسير :

فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم .

أخرج البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فال : ( قيل لبني إسرائيل : ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة ، فبدلوا ودخلوا يزحفون على أستاهم وقالوا حبة في شعيرة )( 156 ) .

وقال الإمام ابن كثير ( وحاصل ما ذكره المفسرون وما دل عليه السياق أنهم بدلوا أمر الله لهم من الخضوع بالقول والفعل ، فأمروا أن يقولوا حطة ، أي احطط عنا ذنوبنا وخطايانا فاستهزؤوا وقالوا حنطة في شعيرة ، وهذا في غاية ما يكون من المخالفة والمعاندة ؛ ولهذا أنزل الله بهم بأسه وعذابه بفسقهم وخروجهم عن طاعته ) ( 157 ) .

والفعل ( بدل ) يقتضي بدلا ومبدلا منه ، إلا أن مقام الإيجاز في الآية استدعى الاكتفاء بذكر البدل دون ذكر المبدل منه . والتقدير فاختار الذين ظلموا بالقول الذي أمرهم الله به قولا آخر اخترعوه من عند أنفسهم على وجه المخالفة والعصيان .

وقوله تعالى : فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء بما كانوا يفسقون . والرجز في لغة العرب هو العذاب سواء أكان بالأمراض المختلفة أم بغيرها .

ولم يعين الكتاب هذا الرجز فنتركه مبهما ، وإن كان كثير من المفسرين قالوا إنه الطاعون ، وقد ابتلى الله بني إسرائيل بضروب من النقم عقب كل نوع من أنواع الفسوق والظلم ، فأصيبوا بالطاعون كثيرا وسلط عليهم أعداؤهم ، وقوله بما كانوا يفسقون أي بسبب تكرار فسقهم وعصيانهم ومخالفتهم أوامر دينهم .