تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فَبَدَّلَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوۡلًا غَيۡرَ ٱلَّذِي قِيلَ لَهُمۡ فَأَنزَلۡنَا عَلَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجۡزٗا مِّنَ ٱلسَّمَآءِ بِمَا كَانُواْ يَفۡسُقُونَ} (59)

الآية 59 وقوله تعالى : ( فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم ) قوله : ( فبدل ) يحتمل إحداث ظلم بعد أن لم يكن ، والخلاف لما أمرهم به عز وجل ويحتمل نشوءهم على غير الذي قيل لهم . ولم يبين ما ذلك القول الذي بدلوا ، وليس لنا إلى معرفة ذلك القول حاجة ؛ وإنما الحاجة إلى معرفة ما [ يكون بهم ]{[853]} بالتبديل وترك العمل بأمره وإظهار الخلاف له ، فقد تولى الله تعالى بيان ذلك بفضله ، وبالله التوفيق .

وقوله تعالى : ( فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء ) قيل الرجز هو العذاب المنزل من السماء على أيدي الملائكة كعذاب قوم لوط وغيره ، وعذاب ينزل من السماء لا على أيدي أحد من{[854]} نحو الصاعقة والصيحة ونحوهما .

وقوله تعالى : ( بما كانوا يفسقون ) ومرة ذكر ( يظلمون ) [ الأعراف : 162 ] وهو واحد .

وفي هذه الآيات التي ذكرناها والأنباء التي وصفنا دلالة رسالة محمد صلى الله عليه وسلم وإثبات نبوته . وذلك أن أهل الكتاب كانوا عرفوا هذه الأنباء بكتبهم ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر ذلك بمشهدهم كما في كتابهم ، ولم يكن ظهر منه اختلاف إليهم ، ولا درس كتابهم . فدل أنه بالله عرف . وكان فيها تسكين قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتصبيره{[855]} لظهور الخلاف له من قومه وترك طاعتهم إياه . وإن [ ذلك ]{[856]} ليس بأول خلاف كان له من قومه ولا أول تكذيب ، بل كان من الأمم السالفة لأنبيائهم ذلك ، فصبروا عليه . فاصبر أنت كما صبروا هم{[857]} كقوله : ( فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل ولا تستعجل لهم ) [ الأحقاف : 35 ] .


[853]:- من ط ع، في الأصل: يكون، في ط م: يلزمهم.
[854]:- ساقطة من ط م.
[855]:- في النسخ الثلاث: والتصبر عليه.
[856]:- من ط م و ط ع، ساقطة من الأصل.
[857]:- ساقطة من ط م و ط ع.