معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَكَم مِّن قَرۡيَةٍ أَهۡلَكۡنَٰهَا فَجَآءَهَا بَأۡسُنَا بَيَٰتًا أَوۡ هُمۡ قَآئِلُونَ} (4)

قوله تعالى : { وكم من قرية أهلكناها } ، بالعذاب ، و{ كم } للتكثير ، ورب للتقليل .

قوله تعالى : { فجاءها بأسنا } ، عذابنا .

قوله تعالى : { بياتاً } ، ليلاً .

قوله تعالى : { أو هم قائلون } من القيلولة ، تقديره : فجاءها بأسنا ليلاً وهم نائمون ، أو نهاراً وهم قائلون ، أي نائمون ظهيرة ، والقيلولة استراحة نصف النهار ، وإن لم يكن معها نوم ، ومعنى الآية : إنهم جاءهم بأسنا وهم غير متوقعين له إما ليلاً أو نهاراً . قال الزجاج : ( أو ) لتصريف العذاب ، أي مرة ليلاً ومرة نهاراً ، وقيل : معناه من أهل القرى من أهلكناهم ليلاً ، ومنهم من أهلكناهم نهارا ، أي حكمنا بهلاكها . فإن قيل : ما معنى أهلكناها فجاءها بأسنا ؟ فكيف يكون مجيء البأس بعد الهلاك ؟ قيل : معنى ( أهلكنا ) أي : حكمنا بإهلاكها فجاءها بأسنا . وقيل : فجاءها بأسنا هو بيان قوله ( أهلكناها ) مثل قول القائل : أعطيتني فأحسنت إلي ، لا فرق بينه و بين قوله : أحسنت إلي فأعطيتني ، فيكون أحدهما بدلاً من الآخر .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَكَم مِّن قَرۡيَةٍ أَهۡلَكۡنَٰهَا فَجَآءَهَا بَأۡسُنَا بَيَٰتًا أَوۡ هُمۡ قَآئِلُونَ} (4)

ثم حذرهم عقوباته للأمم الذين كذبوا ما جاءتهم به رسلهم ، لئلا يشابهوهم{[309]}  فقال : { وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا } أي : عذابنا الشديد { بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ } أي : في حين غفلتهم ، وعلى غرتهم غافلون ، لم يخطر الهلاك على قلوبهم . فحين جاءهم العذاب لم يدفعوه عن أنفسهم ، ولا أغنت عنهم آلهتهم التي كانوا يرجونهم ، ولا أنكروا ما كانوا يفعلونه من الظلم والمعاصي .


[309]:- في ب: فلا يشابهونهم.
 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَكَم مِّن قَرۡيَةٍ أَهۡلَكۡنَٰهَا فَجَآءَهَا بَأۡسُنَا بَيَٰتًا أَوۡ هُمۡ قَآئِلُونَ} (4)

يقول تعالى : { وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا } أي : بمخالفة رسلنا وتكذيبهم ، فأعقبهم ذلك خِزْيُ الدنيا موصولا بذُلِّ الآخرة ، كما قال تعالى : { وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } [ الأنعام : 10 ] . وقال تعالى : { فَكَأَيِّنْ{[11546]} مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ } [ الحج : 45 ] .

وقال تعالى : { وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلا قَلِيلا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ } [ القصص : 58 ] .

وقوله : { فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ } أي : فكان منهم من جاءه أمر الله وبأسه ونقمته { بَيَاتًا } أي : ليلا { أَوْ هُمْ قَائِلُونَ } من القيلولة ، وهي : الاستراحة وسط النهار . وكلا الوقتين وقت غَفْلة ولَهْو{[11547]} كما قال [ تعالى ]{[11548]} { أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُون أَوَ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ } [ الأعراف : 97 ، 98 ] . وقال : { أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الأرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِين أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ } [ النحل : 45 - 47 ] .


[11546]:في أ: "وكأين".
[11547]:في ك: "لهو وغفلة".
[11548]:زيادة من أ.