ثم شرع الله في إنذارهم بما حصل للأمم الماضية بسبب إعراضهم عن الحق فقال { وكم من قرية } كم هي الخبرية المفيدة للتكثير ، ولم يرد في القرآن إلا هكذا ويجب لها الصدر لكونها على صورة الاستفهامية ، والقرية موضع اجتماع الناس أي كم من قرية من القرى الكثيرة { أهلكناها } نفسها بإهلاك أهلها أو أهلكنا أهلها والمراد أردنا إهلاكها .
وقوله { فجاءها بأسنا } معطوف على أهلكنا بتقدير الإرادة كما مر ، لأن ترتيب مجيء البأس على الإهلاك لا يصح إلا بهذا التقدير إذ الإهلاك هو نفس مجيء البأس ، وقال الفراء : إن الفاء بمعنى الواو فلا يلزم التقدير ، والمعنى أهلكناها وجاءها بأسنا ، والواو لطلق الجمع لا ترتيب فيها .
وقيل : إن الإهلاك واقع لبعض أهل القرية فيكون المعنى وكم من قرية أهلكنا بعض أهلها فجاءها بأسنا فأهلكنا الجميع ، وقيل المعنى وكم من قرية حكمنا بإهلاكها فجاءها بأسنا ، قيل أهلكناها بإرسال ملائكة العذاب إليها فجاءها بأسنا ، والبأس العذاب ، وحكى عن الفراء أنه إذا كان معنى الفعلين واحدا أو كالواحد قدمت أيهما شئت فيكون المعنى وكم من قرية جاءها بأسنا فأهلكناها مثل دنا فقرب وقرب فدنا .
{ بياتا } أي ليلا لأن البينات فيه أو مصدر واقع موقع الحال ، يقال بات يبيت بيتا وبياتا أي بائتين .
{ أو هم قائلون } أي قائلين ، و { أو } في هذا الموضع للتفصيل لا للشك كأنه قيل أتاهم بأسنا تارة ليلا كقوم لوط ، وتارة وقت القيلولة كقوم شعيب ، وهل يحتاج إلى تقدير واو حال قبل هذه الجملة أم لا ؟ خلاف بين النحويين فقدره بعضهم . ورجحه الزجاج وبه قال أبو بكر والقيلولة هي نوم نصف النهار .
وقيل هي مجرد الاستراحة في ذلك الوقت لشدة الحر من دون نوم ، وخص الوقتين لأنهما وقت السكون والدعة فمجيء العذاب فيهما أشد وأفظع وأزجر وأردع عن الاغترار بأسباب الأمن والراحة . والمعنى جاءها عذابنا غفلة وهم غير متوقعين له ليلا وهم نائمون أو نهارا وهم قائلون وقت الظهيرة أي جاءهم البأس على غير تقدم أمارة لهم على وقت نزوله ، وفيه وعيد وتخويف للكفار كأنه قيل لهم لا تغتروا بأسباب الأمن والراحة فإن عذاب الله إذا نزل نزل دفعة واحدة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.