السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَكَم مِّن قَرۡيَةٍ أَهۡلَكۡنَٰهَا فَجَآءَهَا بَأۡسُنَا بَيَٰتًا أَوۡ هُمۡ قَآئِلُونَ} (4)

{ وكم من قرية أهلكناها } أي : أهلكنا أهلها ، وقيل : لا يحتاج إلى تقدير مضاف لأنّ القرية تهلك كما يهلك أهلها وإنما يقدّر في ( فجاءها ) لأجل قوله تعالى : { أو هم قائلون } و( كم ) خبرية مفعول أهلكنا وهي للتكثير والإهلاك على حقيقته أو يقدّر أردنا إهلاكها لقوله تعالى : { فجاءها } أي : أهلها { بأسنا } أي : عذابنا فإنّ مجيء البأس قبل الإهلاك فتقدر الإرادة ، وقيل : الإهلاك الخذلان وعلى هذا فلا حاجة إلى تقدير { بياتاً } أي : وقت الاستكان في البيوت ليلاً كما جاء قوم لوط عليه السلام { أو هم قائلون } أي : نائمون وقت القائلة وهي نصف النهار أو مستريحون من غير نوم كما أهلكنا قوم شعيب عليه السلام أي : مرّة جاءها ليلاً ومرّة نهاراً وإنما خص هذين الوقتين لأنهما وقت دعة واستراحة فيكون مجيء العذاب فيهما أفظع ، وفي هذا وعيد وتخويف للكفار كأنه قيل : لا تغتروا بأسباب الأمن والراحة فإنّ عذاب الله إذا نزل نزل دفعة واحدة .