قوله تعالى : { وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولداً } ، أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بأن يحمده على وحدانيته ، ومعنى الحمد لله هو : الثناء عليه بما هو أهله . قال الحسين بن فضل : يعنى : الحمد لله الذي عرفني أنه لم يتخذ ولداً . { ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل } ، قال مجاهد لم يذل فيحتاج إلى ولي يتعزز به . { وكبره تكبيراً } أي : وعظمه عن أن يكون له شريك أو ولي .
أخبرنا الإمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي ، أنبأنا الإمام أبو الطيب سهل بن محمد بن سليمان ، حدثنا أبو العباس الأصم ، حدثنا محمد بن إسحاق الصفاني ، حدثنا نضر بن حماد أبو الحارث الوراق ، حدثنا شعبة عن حبيب بن أبي ثابت قال : سمعت سعيد بن جبير يحدث عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أول من يدعى إلى الجنة يوم القيامة الذين يحمدون الله في السراء والضراء " . أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، أنبأنا أبو الحسن بن بشران ، أنبأنا إسماعيل بن محمد الصفار ، أنبأنا أحمد بن منصور الرمادي ، أنبأنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر عن قتادة أن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الحمد لله رأس الشكر ، ما شكر الله عبد لا يحمده " .
أخبرنا أبو الفضل بن زياد بن محمد الحنفي ، أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن أحمد الأنصاري ، أنبأنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد ، حدثنا يحيى بن خالد بن أيوب المخزومي ، حدثنا موسى بن إبراهيم بن كثير بن بشر الخزامي الأنصاري ، عن طلحة بن خراش ، عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن أفضل الدعاء الحمد لله ، وأفضل الذكر لا إله إلا الله " .
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنبأنا عبد الرحمن بن أبي شريح ، أنبأنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي ، حدثنا علي بن الجعد ، حدثنا زهير ، حدثنا منصور عن هلال بن بشار ، عن الربيع بن خيثم عن سمرة بن جندب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أحب الكلام إلى الله تعالى أربع : لا إله إلا الله ، والله أكبر ، وسبحان الله ، والحمد لله ، لا يضرك بأيهن بدأت " .
{ وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ } له الكمال والثناء والحمد والمجد من جميع الوجوه ، المنزه عن كل آفة ونقص .
{ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ } بل الملك كله لله الواحد القهار ، فالعالم العلوي والسفلي ، كلهم مملوكون لله ، ليس لأحد من الملك شيء .
{ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ } أي : لا يتولى أحدًا من خلقه ليتعزز به ويعاونه ، فإنه الغني الحميد ، الذي لا يحتاج إلى أحد من المخلوقات ، في الأرض ولا في السماوات ، ولكنه يتخذ أولياء إحسانًا منه إليهم ورحمة بهم { الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور }
{ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا } أي : عظمه وأجله بالإخبار بأوصافه العظيمة ، وبالثناء عليه ، بأسمائه الحسنى ، وبتجميده بأفعاله المقدسة ، وبتعظيمه وإجلاله بعبادته وحده لا شريك له ، وإخلاص الدين كله له .
تم تفسير سورة الإسراء ولله الحمد والمنة والثناء الحسن على يد جامعه عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله بن سعدي غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين أمين وصلى الله على محمد وسلم تسليمًا وذلك في 7 جمادى الأولى سنة 1344 .
المجلد الخامس من تيسير الكريم الرحمن من تفسير كلام المنان لجامعه الفقير إلى الله عبد الرحمن بن ناصر السعدي{[480]} .
ثم ختم - سبحانه - السورة الكريمة بهذه الآية : { وَقُلِ الحمد لِلَّهِ الذي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً . . . } .
أى : وقل - أيها الرسول الكريم - : الحمد الكامل ، والثناء الجميل ، لله - تعالى - وحده ، الذى لم يتخذ ولدًا ؛ لأنه هو الغنى ، كما قال - تعالى - : { قَالُواْ اتخذ الله وَلَداً سُبْحَانَهُ بَل لَّهُ مَا فِي السماوات والأرض . . } ولم يكن له ، - سبحانه - { شَرِيكٌ فِي الملك } بل هو المالك لكل شىء ليس له فى هذا الكون من يزاحمه أو يشاركه فى ملكه أو فى عبادته . كما قال - تعالى - : { قُلْ لَّوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذاً لاَّبْتَغَوْاْ إلى ذِي العرش سَبِيلاً سُبْحَانَهُ وتعالى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّاً كَبِيراً } وكما قال - عز وجل - : { مَا اتخذ الله مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إله بِمَا خَلَقَ وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ سُبْحَانَ الله عَمَّا يَصِفُونَ } { وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذل } أى : ولم يكن له - سبحانه - ناصر ينصره من ذل أصابه أو نزل به ، لأنه - عز وجل - هو أقوى الأقوياء ، وقاهر الجبابرة ، ومذل الطغاة ، { وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذل وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً } { وكبره تكبيرا } أى : وعظمه تعظيمًا تامًا كاملاً ، يليق بجلاله عز وجل .
قال الإِمام ابن كثير : عن قتادة أنه قال : ذكر لنا أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يعلم أهله كبيرهم وصغيرهم هذه الآية . { الحمد لِلَّهِ الذي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً . . . }
ثم قال ابن كثير : وقد جاء فى حديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سماها آية العز .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.