تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَقُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي لَمۡ يَتَّخِذۡ وَلَدٗا وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ شَرِيكٞ فِي ٱلۡمُلۡكِ وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ وَلِيّٞ مِّنَ ٱلذُّلِّۖ وَكَبِّرۡهُ تَكۡبِيرَۢا} (111)

الآية111 : وقوله تعالى : { وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل } ذكر في هذه الآية جميع ما تقع به الحاجة إلى التوحيد ، لأن ما نفى التوحيد ، وأنكره ، إنما نفى لأحد الوجوه التي ذكر . منهم من قال له بالولد ، وهم اليهود والنصارى ، ومنهم من قال له بالشريك ، وهم مشركو العرب ، ومنهم من قال له بالولي والعون من الذل ، وهم الثَّنَوِيَّةُ ( وغيرهم حين ){[11339]} قالوا : أنشأ هذا النور ليستعين على التخلص من وثاق الظلمة .

فنزه نفسه ، وبرَّأها عن جميع ما قالوا فيه ، ونسبوا إليه ؛ لأن الولد في الشاهد إنما يُطلب إما للتلهِّي وإما للاستئناس ، والله يتعالى عن أن تقع له الحاجة إلى ذلك ، ويتعالى عن أنه يكون له شريك ، لأن الشركاء في الشاهد إنما تُتَّخَذُ للمَعُونة والقوة{[11340]} بهم على بعض ومالهم{[11341]} وما هم فيه .

والولي من الذل : إنما ( يتخذ ){[11342]} في الشاهد للاستنصار والاستعانة على أعدائه . والله يتعالى عن أن تقع له الحاجة إلى شيء من ذلك .

فنفى عنه جميع المعاني الخلق وجميع ما ينسب إليهم ، ويضاف ، ويصفون به .

وقوله تعالى { وكبره تكبيرا } أي صفة بما{[11343]} ، وصفه نفسه ، وانْفِ عنه معاني الخلق ، فيكون في ذلك تعظيمه وتكبيره . أو اعرفه بما ذكر ؛ فإذا عرفته هكذا فقد عظمته و كبرته .

و الولد في الشاهد إنما يُتَّخَذ ويُطْلَبُ لوجوه :

أحدها : للتسلي به والاستئناس عن وحشة .

( والثاني : ){[11344]} لحاجة تمسه ، فيستعين به على قضائها .

( والثالث : ){[11345]} لذل يخافه من عدو له ، فيستنصر به عليه . والله يتعالى عن أن يُصِيبَهُ شيء من ذلك .

وقوله تعالى : { ولم يكن ولي من الذل } أي لم يتخذ الأولياء ليتعزز بهم من الذل . بل إنما ( يتخذ الناس ){[11346]} أولياء رحمة منه وفضلا ليتعززوا هم من بذلك ، ويكونوا عظماء .

وذكر { لم يتخذ ولدا } وقد خلق الأولاد ليُعلم{[11347]} أن ليس في خلقه{[11348]} الشيء ما يصلح أن ( يتخذه لنفسه ولدا ){[11349]} .

وقوله تعالى : { ولم يكن له شريك في الملك } ولو كان على ما تقوله المعتزلة لكان له شريك في الملك على قولهم ؛ لأنهم يقولون : إن الله لم يرد لأحد من الكفرة الملك لهم ، وإنما أراد لأوليائه . فعلى قولهم صار الفراعنة شركاء له في الملك حين{[11350]} لم يكن ما أراد هو ، وكان أرادوا هم ، والله أعلم . والحمد لله رب العالمين . والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين .


[11339]:في الأصل و.م: وغيرها حيث.
[11340]:في الأصل و.م: والتقوى.
[11341]:الواو ساقطة من م.
[11342]:ساقطة من الأصل و.م.
[11343]:من م، في الأصل: بها.
[11344]:في الأصل و.م: أو.
[11345]:في الأصل و.م: أو.
[11346]:في الأصل و.م: اتخذ.
[11347]:في الأصل و م: خلق.
[11348]:في الأصل و م: يتخد لنفسه.
[11349]:؟؟؟؟
[11350]:في الأصل و.م: حيث.