ولما أمر الله تعالى أنه لا يذكر ولا ينادى إلا بأسمائه الحسنى علم كيفية التحميد بقوله تعالى : { وقل الحمد لله } ، أي : الملك الأعظم ثم ذكر سبحانه وتعالى من صفات التنزيه والجلال وهي السلوب ثلاثة أنواع الأوّل قوله تعالى : { الذي لم يتخذ } ، أي : لكونه محيطاً بالصفات الحسنى { ولداً } والسبب فيه وجوه الأوّل أنّ الولد هو الشيء المتولد من جزء من أجزاء ذلك الشيء فكل من له ولد فهو مركب من الأجزاء والمركب محدث والمحدث محتاج والمحتاج لا يقدر على كمال الإنعام فلا يستحق كمال الحمد . الثاني : أنّ كل من له ولد فإنه يمسك جميع النعم لولده فإذا لم يكن له ولد أفاض تلك النعم على عبيده . الثالث : أنّ الولد هو الذي يقوم مقام الوالد بعد انقضائه وفنائه فلو كان له ولد لكان منقضياً ومن كان كذلك لم يقدر على كمال الإنعام في كل الأوقات ، فوجب أن لا يستحق الحمد على الإطلاق . النوع الثاني : من الصفات السلبية قوله تعالى : { ولم يكن له } بوجه من الوجوه { شريك في الملك } والسبب في اعتبار هذه الصفة أنه لو كان له شريك لم يعرف حينئذ أنّ هذه النعم والمنافع حصلت منه أو من شريكه فلا يعرف كونه مستحقاً للحمد والشكر . النوع الثالث قوله تعالى : { ولم يكن له وليّ من الذل } ، أي : ولم يواله من أجل مذلة به يدفعها بموالاته والسبب في اعتباره أنه لو جاز عليه وليّ يلي أمره كان مستوجباً لأعظم أنواع الحمد ومستحقاً لأقسام الشكر فنفي عنه أن يكون له ما يشاركه من جنسه ومن غير جنسه اختياراً أو اضطراراً أو ما يعاونه ويقويه ورتب الحمد عليه للدلالة على أنه الذي يستحق جنس الحمد لأنه كامل الذات المنفرد بالإيجاد المنعم على الإطلاق وما عداه ناقص مملوك نعمة أو منعم عليه ولذلك عطف عليه قوله تعالى : { وكبره تكبيراً } ، أي : وعظمه تعظيماً على نفي اتخاذ الولد والشريك والذل وكل ما لا يليق به وترتيب الحمد على ذلك للدلالة على أنه المستحق لجميع المحامد لكمال ذاته وتفرّده في صفاته .
روى الإمام أحمد في مسنده عن معاذ الجهني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول : «آية العز { الحمد لله الذين لم يتخذ ولداً ولم يكن له شريك في الملك } إلى آخر السورة » . وعن ابن عباس أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أوّل من يدعى إلى الجنة يوم القيامة الذين يحمدونه في السراء والضراء » . وعن عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «الحمد رأس الشكر ما شكر الله عبد لا يحمده » . وعن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إنّ أفضل الدعاء الحمد لله وأفضل الذكر لا إله إلا الله » . وعن سمرة بن جندب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أحب الكلام إلى الله تعالى أربع لا إله إلا الله والله أكبر وسبحان الله والحمد لله لا يضرك بأيهنّ بدأت » . أخرجه مسلم . وروي أنّ قول العبد الله أكبر خير له من الدنيا وما فيها . وعن عمرو بن شعيب قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أفصح الغلام من بني عبد المطلب علمه وقل الحمد لله الآية ، يقال أفصح الصبيّ في منطقه فهم ما يقول . وعن عبد الله بن كعب قال : افتتحت التوراة بفاتحة سورة الأنعام وختمت بخاتمة هذه السورة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.