فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَقُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي لَمۡ يَتَّخِذۡ وَلَدٗا وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ شَرِيكٞ فِي ٱلۡمُلۡكِ وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ وَلِيّٞ مِّنَ ٱلذُّلِّۖ وَكَبِّرۡهُ تَكۡبِيرَۢا} (111)

ولما أمر أن لا يذكر ولا ينادى إلاّ بأسمائه الحسنى نبه على كيفية الحمد له فقال : { وَقُلِ الحمد لِلَّهِ الذي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا } كما تقوله اليهود والنصارى ، ومن قال من المشركين : إن الملائكة بنات الله ، تعالى عن ذلك علوّاً كبيراً { وَلَم يَكُنْ لهُ شَرِيكٌ فِي الملك } أي : مشارك له في ملكه وربوبيته كما تزعمه الثنوية ونحوهم من الفرق القائلين بتعدد الآلهة { وَلَمْ يَكُنْ لهُ وَلِيٌ مَنَ الذل } أي : لم يحتج إلى موالاة أحد لذل يلحقه فهو مستغنٍ عن الوليّ والنصير . قال الزجاج : أي لم يحتج أن ينتصر بغيره ، وفي التعرّض في أثناء الحمد لهذه الصفات الجليلة إيذان بأن المستحق للحمد من له هذه الصفات ، لأنه القادر على الإيجاد وإفاضة النعم لكون الولد مجبنة ومبخلة ، ولأنه أيضاً يستلزم حدوث الأب لأنه متولد من جزء من أجزائه ، والمحدث غير قادر على كمال الإنعام ، والشركة في الملك إنما تتصور لمن لا يقدر على الاستقلال به ، ومن لا يقدر على الاستقلال عاجز فضلاً عن تمام ما هو له ، فضلاً عن نظام ما هو عليه ، وأيضاً الشركة موجبة للتنازع بين الشريكين ، فقد يمنعه الشريك من إفاضة الخير إلى أوليائه ومؤدية إلى الفساد :

{ لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ الله لَفَسَدَتَا } [ الأنبياء : 22 ] . والمحتاج إلى وليّ يمنعه من الذلّ وينصره على من أراد إذلاله ، ضعيف لا يقدر على ما يقدر عليه من هو [ مستغن ] بنفسه { وَكَبرْهُ تَكْبِيرًا } أي : عظمه تعظيماً وصفه بأنه أعظم من كل شيء .

/خ111