محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَقُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي لَمۡ يَتَّخِذۡ وَلَدٗا وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ شَرِيكٞ فِي ٱلۡمُلۡكِ وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ وَلِيّٞ مِّنَ ٱلذُّلِّۖ وَكَبِّرۡهُ تَكۡبِيرَۢا} (111)

[ 111 ] { وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبّره تكبيرا 111 } .

ثم بيّن سبحانه استحقاقه للحمد لاختصاصه بنعوت الكمال وصفات الجلال ، بقوله تعالى : { وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا } أي لم يكن علة لموجود من جنسه ، لضرورة كون المعلول محتاجا إليه ، ممكنا بالذات ، معدوما بالحقيقة . فكيف يكون من جنس الموجود حقا ، الواجب بذاته من جميع الوجوه ؟ { ولم يكن له شريك في الملك } أي من يساويه في قوة القهر والمملكة من الشريك في الملك . وإلا لكانا مشتركين في وجوب الوجود والحقيقة . فامتياز كل واحد منهما عن الآخر ، لابد وأن يكون بأمر غير الحقيقة الواجبة . فلزم تركبهما ، فكانا كلاهما ممكنين لا واجبين . وأيضا فإن لم يستقلا بالتأثير ، لم يكن أحدهما إلها . وإن استقل أحدهما دون الآخر فذلك هو الإله دونه ، فلا شريك له . وإن استقلا جميعا ، لزم اجتماع المؤثرين المستقلين على معلول واحد ، إن فعلا معا . وإلا لزم إلهية أحدهما دون الآخر ، رضي بفعله أو لم يرض . أفاده القاشانيّ .

{ ولم يكن له ولي من الذل } أي ناصر من الذل ومانع له منه ، لاعتزازه به . أو لم يوال أحدا من أجل مذلة به ، ليدفعها بموالاته { وكبّره تكبيرا } أي عظمه عن أن يلحقه شيء من هذه النقائص تعظيما جليلا .

تمّ ما علقناه على هذه السورة الكريمة ، ضحوة السبت في 26 شوال سنة 1323 في سدّة جامع السنانية بدمشق الشام . يسر الله لنا بعونه الإتمام ، والحمد لله وحده .

تم الجزء العاشر ، ويليه إن شاء الله تعالى ، الجزء الحادي عشر ، وفيه تفسير :

( 18 - سورة الكهف ، و 19- سورة مريم ، و20- سورة طه ،

و 21- سورة الأنبياء ) .