فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَقُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي لَمۡ يَتَّخِذۡ وَلَدٗا وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ شَرِيكٞ فِي ٱلۡمُلۡكِ وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ وَلِيّٞ مِّنَ ٱلذُّلِّۖ وَكَبِّرۡهُ تَكۡبِيرَۢا} (111)

{ وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا ( 111 ) .

ولما أمر أن لا يذكر ولا ينادي إلا بالأسماء الحسنى نبه على كيفية الحمد فقال : { وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا } كما يقوله اليهود والنصارى ومن قال من المشركين أن الملائكة بنات الله تعالى عن ذلك علوا كبيرا { وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ } أي مشارك له في ملكه وألوهيته وربوبيته كما تزعمه الثنوية ونحوهم من الفرق القائلين بتعدد الآلهة { وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ } أي لم يحتج إلى موالاة أحد لذل يلحقه فهو مستغن عن الولي والنصير .

قال الزجاج : أي لم يحتج أن ينتصر بغيره وفي التعرض في أثناء الحمد لهذه الصفات الجليلة إيذان بأن المستحق للحمد من له هذه الصفات لأنه القادر على الإيجاد وإفاضة النعم لكون الولد مجبنة مبخلة ، ولأنه أيضا يستلزم حدوث الأب لأنه متولد من جزء من أجزائه والمحدث غير قادر على كمال الأنعام .

والشركة في الملك إنما يتصور لمن لا يقدر على الاستقلال به ومن لا يقدر على الاستقلال عاجز فضلا عن تمام ما هو فضلا عن نظام ما هو عليه وأيضا الشركة موجبة للتنازع بين الشريكين وقد يمنعه الشريك من إفاضة الخير إلى أوليائه ويؤديه إلى الفساد كما قال تعالى : { لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا } والمحتاج إلى ولي يمنعه من الذل وينصره على من أراد إذلاله ضعيف لا يقدر على ما يقدر عليه من هو مستغن بنفسه .

{ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا } أي وعظمه تعظيما تاما وصفه بأنه أعظم من كل شيء وعن قتادة قال : ذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يعلم أهله هذه الآية الحمد لله الخ الصغير من أهله والكبير أخرجه ابن جرير ، وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن عبد الكريم بن أبي أمية قال : كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعلم الغلام من بني هاشم إذا أفصح سبع مرات الحمد لله إلى آخر السورة وروى الإمام أحمد في مسنده عن معاذ الجهني عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يقول آية العز الحمد لله الذي الخ .