معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{۞وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ ٱللَّهُ إِلَّا وَحۡيًا أَوۡ مِن وَرَآيِٕ حِجَابٍ أَوۡ يُرۡسِلَ رَسُولٗا فَيُوحِيَ بِإِذۡنِهِۦ مَا يَشَآءُۚ إِنَّهُۥ عَلِيٌّ حَكِيمٞ} (51)

قوله عز وجل :{ وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً } وذلك أن اليهود قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : ألا تكلم الله وتنظر إليه ، إن كنت نبياً ، كما كلمه موسى ونظر إليه ، فقال : لم ينظر موسى إلى الله عز وجل ، فأنزل الله تعالى : { وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً } يوحي إليه في المنام أو بالإلهام ، { أو من وراء حجاب } يسمعه كلامه ولا يراه ، كما كلمه موسى عليه الصلاة والسلام ، { أو يرسل رسولاً } إما جبريل أو غيره من الملائكة ، { فيوحي بإذنه ما يشاء } بنصب اللام والياء عطفاً على محل الوحي لأن معناه : وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا أن يوحي إليه أو يرسل رسولاً . { إنه علي حكيم }

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{۞وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ ٱللَّهُ إِلَّا وَحۡيًا أَوۡ مِن وَرَآيِٕ حِجَابٍ أَوۡ يُرۡسِلَ رَسُولٗا فَيُوحِيَ بِإِذۡنِهِۦ مَا يَشَآءُۚ إِنَّهُۥ عَلِيٌّ حَكِيمٞ} (51)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلّمَهُ اللّهُ إِلاّ وَحْياً أَوْ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَآءُ إِنّهُ عَلِيّ حَكِيمٌ } .

يقول تعالى ذكره : وما ينبغي لبشر من بني آدم أن يكلمه ربه إلا وحيا يوحي الله إليه كيف شاء ، أو إلهاما ، وإما غيره أوْ مِنْ وَرَاءِ حِجابٍ يقول : أو يكلمه بحيث يسمع كلامه ولا يراه ، كما كلم موسى نبيه صلى الله عليه وسلم أوْ يُرْسِلَ رَسُولاً يقول : أو يرسل الله من ملائكته رسولاً ، إما جبرائيل ، وإما غيره فَيُوحِيَ بإذْنِهِ ما يَشاءُ يقول : فيوحي ذلك الرسول إلى المرسل إليه بإذن ربه ما يشاء ، يعني : ما يشاء ربه أن يوحيه إليه من أمر ونهي ، وغير ذلك من الرسالة والوحي . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، في قوله عزّ وجلّ : وَما كانَ لِبَشَر أنْ يُكَلّمَهُ اللّهُ إلاّ وَحْيا يوحي إليه أوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ موسى كلمه الله من وراء حجاب ، أوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بإذْنِهِ ما يَشاءُ قال : جبرائيل يأتي بالوحي .

واختلفت القرّاء في قراءة قوله : أوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فيوحي ، فقرأته عامة قرّاء الأمصار فَيُوحِيَ بنصب الياء عطفا على يُرْسِلَ ، ونصبوا يُرْسِلَ عطفا بها على موضع الوحي ، ومعناه ، لأن معناه وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا أن يوحي إليه أو يرسل إليه رسولاً فيوحيَ بإذنه ما يشاء . وقرأ ذلك نافع المدني «فيُوحِي » بإرسال الياء بمعنى الرفع عطفا به على يُرْسِلُ ، وبرفع يُرْسِلُ على الابتداء .

وقوله : إنّهُ عَلِيّ حَكِيمٌ يقول تعالى ذكره إنه يعني نفسه جلّ ثناؤه : ذو علوّ على كل شيء وارتفاع عليه ، واقتدار . حكيم : يقول : ذو حكمة في تدبيره خلقه .