وقوله تعالى : { وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ الله إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِن وَرَاءٍ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً . . . } الآية ، نزلَتْ بسبب خَوْضٍ كان للكفار في معنى تكليم اللَّه موسى ونحو ذلك ، ذهَبَ قريشٌ واليهودُ في ذلك إلى تجسيم ونحوه ، فنزلت الآية مُبَيِّنَةً صورةَ تكليم اللَّه عبادَهُ ، كيف هو ، فَبَيَّنَ اللَّه تعالى أَنَّهُ لا يكُونُ لأَحَدٍ مِنَ الأنبياءِ ، ولا ينبغِي له ، ولا يمكنُ فيه أنْ يُكَلِّمه اللَّه إلاَّ بأَنْ يوحي إليه أحَدَ وجوه الوَحْيِ من الإلهام ؛ قال مجاهد : أوِ النَّفْثِ في القَلْبِ ، أو وَحْيٍ في منام ، قال النَّخَعِيّ : وكانَ من الأنبياء مَنْ يُخَطَّ له في الأرض ونحو هذا ، أو بأنْ يُسْمِعَهُ كلامه دون أن يعرف هو للمتكلِّم جهةً ولا حَيِّزاً كموسى عليه السلام ، وهذا معنى { مِن وَرَاءٍ حِجَابٍ } أي : من خفاء عن المُكَلَّم لا يحدُّه ولا يتسوَّر بذهنه عليه ، وليس كالحجابِ في الشاهد ، أو بأنْ يرسِلَ إليه مَلَكاً يُشَافِهُهُ بوحْي اللَّه عز وجل .
قال الفخر : قوله : { فَيُوحِي بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ } أي : فيوحي ذلك المَلَكُ بإذن اللَّه ما يشاءُ اللَّه انتهى ، وقرأ جمهور القُرَّاءِ والناس : ( أَوْ يُرْسِلَ ) بالنصب ( فَيُوحَي ) بالنصب أيضاً ، وقرأ نافع ، وابن عامر ، وابن عباس ، وأهل المدينة : ( أَوْ يُرْسِلُ ) بالرفع ( فيوحي ) بسكون الياء ، وقوله : { أَوْ مِن وَرَاءٍ حِجَابٍ } «مِنْ » متعلِّقةٌ بفعْلٍ يَدُلُّ ظاهر الكلام عليه ، تقديره : أو يكلِّمه من وراء حجاب ، وفي هذه الآيةِ دليلٌ على أَنَّ الرسالة من أنواع التكليم ، وأَنَّ مَنْ حَلَفَ : لا يُكَلِّم فلاناً ، وهو لم ينوِ المشافهة ، ثم أرسل رسولاً حَنِثَ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.