تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{۞وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ ٱللَّهُ إِلَّا وَحۡيًا أَوۡ مِن وَرَآيِٕ حِجَابٍ أَوۡ يُرۡسِلَ رَسُولٗا فَيُوحِيَ بِإِذۡنِهِۦ مَا يَشَآءُۚ إِنَّهُۥ عَلِيٌّ حَكِيمٞ} (51)

قوله :{ وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا } ، وذلك أن اليهود قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : ألا تكلم الله وتنظر إليه إن كنت صادقا ، كما كلمه موسى ونظر إليه ، فإنا لن نؤمن لك حتى يعمل الله ذلك بك ، فقال الله لهم : لم أفعل ذلك بموسى ، وأنزل الله تعالى :{ وما كان لبشر أن يكلمه الله } ، يقول : ليس لنبي من الأنبياء أن يكلمه الله { إلا وحيا } ، فيسمع الصوت فيفقه ، { أو من وراء حجاب } ، كما كان بينه وبين موسى ، { أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه } ، يقول : أو يأتيه مني بوحي ، يقول : أو يأمره فيوحى ، { ما يشاء إنه علي } ، يعني رفيع فوق خلقه ، { حكيم } آية في أمره .

فقالوا للنبي : من أول المرسلين ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم :" أول المرسلين آدم ، عليه السلام" ، فقالوا : كم المرسلين ؟ قال :" ثلاثمائة وخمسة عشر جماء الغفير" ، ومن الأنبياء من يسمع الصوت فيفقه ، ومن الأنبياء من يوحى إليه في المنام ، وإن جبريل ليأتي النبي صلى الله عليه وسلم كما يأتي الرجل صاحبه في ثياب البياض مكفوفة بالدر والياقوت ، ورجلاه مغموستان في الخضرة .