الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{۞وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ ٱللَّهُ إِلَّا وَحۡيًا أَوۡ مِن وَرَآيِٕ حِجَابٍ أَوۡ يُرۡسِلَ رَسُولٗا فَيُوحِيَ بِإِذۡنِهِۦ مَا يَشَآءُۚ إِنَّهُۥ عَلِيٌّ حَكِيمٞ} (51)

ثم قال تعالى : { وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب } ، أي : وما ينبغي لبشر من بني آدم أن يكلمه ربه مشافهة ، ولكن وحيا يوحي إليه كيف يشاء ، إما إلهاما ، وإما مع ملك مقرب ، أو من وراء حجاب{[61105]} حيث يسمع كلامه ولا يراه كما فعل بموسى صلوات الله عليه .

{ أو يرسل رسولا } يعني : من الملائكة ، كجبريل وشبهه .

{ فيوحي بإذنه ما يشاء } أي : فيبلغ الملك إلى البشر المرسل إليه بإذن الله عز وجل ما يشاء الله{[61106]} أن يبلغه إليه{[61107]} من أمره ونهيه وخبره وما أراد .

وقال مجاهد { إلا وحيا } ، أي : إلا أن يلقي ( في قلبه ){[61108]} ما يشاء ، ويلهمه ما يشاء ، { أو من وراء حجاب } كموسى ، { أو يرسل رسولا } كجبريل إلى محمد عليهما السلام{[61109]} .

وقيل : معنى : { إلا وحيا } كما أوحى إلى الأنبياء بإرسال جبريل وشبهه من الملائكة { أو من وراء حجاب } كما كلم موسى ، { أو يرسل رسولا } – يعني : من البشر – إلى الناس كافة .

وقال القتبي : { إلا وحيا } : في المنام ، { أو من وراء حجاب } كما كلم موسى { أو يرسل رسولا } أي ملكا{[61110]} إلى النبي من بني آدم فيبلغه عن الله ( ما يشاء ){[61111]} الله أن يبلغه .

{ إنه علي حكيم } أي : إن الله عز وجل لذو{[61112]} علو على كل شيء واقتدار ، ذو حكمة في تدبيره خلقه .

( وليس العلو في هذا وشبهه من المسافة إنما هو علو اقتدار ، ورفعة حال وجلالة ){[61113]} .


[61105]:(ح): أو يكلمه من وراء حجاب.
[61106]:ساقط من (ح).
[61107]:(ت): الله.
[61108]:(ت): ما في قلبه.
[61109]:انظر جامع القرطبي 16/53.
[61110]:(ح): ملك.
[61111]:(ح): ما شاء.
[61112]:(ح): ذو.
[61113]:ساقط من (ت).