محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{۞وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ ٱللَّهُ إِلَّا وَحۡيًا أَوۡ مِن وَرَآيِٕ حِجَابٍ أَوۡ يُرۡسِلَ رَسُولٗا فَيُوحِيَ بِإِذۡنِهِۦ مَا يَشَآءُۚ إِنَّهُۥ عَلِيٌّ حَكِيمٞ} (51)

{ وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا } أي إلهاما وقذفا في القلب منه ، بلا واسطة { أو من وراء حجاب } أي يكلمه بحيث يسمع كلامه ولا يراه ، كما كلم موسى عليه السلام { أو يرسل رسولا } أي من ملائكته كجبريل { فيوحي بإذنه ما يشاء } أي فيوحي ذلك الرسول إلى المرسل إليه بإذن ربه ، ما يشاء إيحاءه ، من أمر ونهي وغير ذلك ، على سبيل/ الإلقاء والنفث في الروع والإلهام ، أو الهتاف أو المنام { إنه عليّ } أي من أن يواجه ويخاطب . بل يفنى ويتلاشى من يواجهه ، لعلوّه من أن يبقى معه غيره ، أو يحتمل شيء حضوره . قاله القاشانيّ .

وقال المهايمي : أي لا يبلغ البشر حد مكالمته شفاها ، ولا يحتمل سماع كلامه مع رؤيته . انتهى . { حكيم } أي يدبر بالحكمة وجوه التكليم ، ليظهر علمه في تفصيل المظاهر ، ويكمل به عباده ، ويهتدوا إليه ويعرفوه . وقال المهايميّ : أي حكيم في تبليغ كلامه العليّ إلى البشر الضعيف .

تنبيه :

في ( الإكليل ( : استدلت بالآية ، عائشة رضي الله عنها ، على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ير ربه . واستدل مالك بقوله { أو يرسل رسولا } على أن من حلف لا يكلم زيدا ، فأرسل إليه رسولا أو كتابا ، أنه يحنث . لأنه تعالى استثناه من الكلام ، فدل على أنه منه . انتهى . وفيه بعد . إذ لا يقال لمن ألهمه الله ، إنه كلمه إلا مجازا . فلا يكون الاستثناء متصلا .