بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{۞وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ ٱللَّهُ إِلَّا وَحۡيًا أَوۡ مِن وَرَآيِٕ حِجَابٍ أَوۡ يُرۡسِلَ رَسُولٗا فَيُوحِيَ بِإِذۡنِهِۦ مَا يَشَآءُۚ إِنَّهُۥ عَلِيٌّ حَكِيمٞ} (51)

قوله عز وجل : { وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ } يعني : لأحد من خلق الله { أَن يُكَلّمَهُ الله إِلاَّ وَحْياً } يعني : يرسل إليه جبريل ، ليقرأ عليه . ويقال : { إِلاَّ وَحْياً } يعني : إلهاماً ويقال : يسمع الصوت فيفهمه وذلك ، أن اليهود قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم ألا يكلمك الله ، أو ينظر إليك ، إن كنت نبياً كما كلم موسى فنزل { وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلّمَهُ الله } يعني : ما جاز لأحد من الآدميين ، { أن يكلمه الله إلا وحياً } يعني : يسمع الصوت ، أو يرى في المنام ، ولا يجوز أن يكلمه مواجهة عياناً في الدنيا .

{ أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ } فيكلمه ، كما كلم موسى { أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً } كما أرسل إلى النبي صلى الله عليه وسلم { فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء } يعني : فيرسل بأمره . ويقال : { بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء } من أمره . قرأ نافع وابن عامر { أَوْ يُرْسِلَ } بضم اللام وقرأ الباقون بالنصب ، فمن قرأ بالضم ، فمعناه أو هو يرسل رسولاً ، ومن قرأ بالنصب ، فعلى الإضمار أيضاً ، ومعناه أو يرسل رسولاً { فَيُوحِي } قرأ نافع وابن عامر { فيوحي } بسكون الياء ، ومعناه أو هو يرسل رسولاً فيوحي وقرأ الباقون بالنصب { فَيُوحِيَ } بالنصب لإضمار أن { إِنَّهُ عَلِيّ حَكِيمٌ } يعني : أعلى من أن يكلم أحداً في الدنيا مواجهة ، ولا يراه فيها أحد عياناً { حَكِيمٌ } حكم ألا يكلم أحداً في المواجهة ، ولا يراه أحد .