الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{۞وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ ٱللَّهُ إِلَّا وَحۡيًا أَوۡ مِن وَرَآيِٕ حِجَابٍ أَوۡ يُرۡسِلَ رَسُولٗا فَيُوحِيَ بِإِذۡنِهِۦ مَا يَشَآءُۚ إِنَّهُۥ عَلِيٌّ حَكِيمٞ} (51)

وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات ، عن يونس بن يزيد رضي الله عنه قال : سمعت الزهري رضي الله عنه ، سئل عن قول الله { وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً } الآية قال : نزلت هذه الآية تعم من أوحى الله إليه من النبيين ، فالكلام كلام الله الذي كلم به موسى من وراء حجاب ، والوحي ما يوحي الله به إلى نبي من أنبيائه ، فيثبت الله ما أراد من وحيه في قلب النبي ، فيتكلم به النبي ويعيه وهو كلام الله ووحيه ومنه ما يكون بين الله ورسله لا يكلم به أحداً من الأنبياء ولكنه سر غيب بين الله ورسله ، ومنه ما يتكلم به الأنبياء عليهم السلام ولا يكتبونه لأحد ولا يأمرون بكتابته ، ولكنهم يحدثون به الناس حديثاً ، ويبينون لهم أن الله أمرهم أن يبينوه للناس ، ويبلغوهم ، ومن الوحي ما يرسل الله به من يشاء من اصطفى من ملائكته ، فيكلمون أنبياءه ، ومن الوحي ما يرسل به إلى من يشاء ، فيوحون به وحياً في قلوب من يشاء من رسله .

وأخرج البخاري ومسلم والبيهقي ، عن عائشة : أن الحارث بن هشام سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يأتيك الوحي ؟ قال : « أحيانا يأتيني الملك في مثل صلصلة الجرس ، فيفصم عني وقد وعيت عنه ما قال ، وهو أشده علي وأحياناً يتمثل لي الملك رجلاً فيكلمني فأعي ما يقول » قالت عائشة رضي الله عنها : ولقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فيفصم ، وإن جبينه ليتفصد عرقاً .

وأخرج أبو يعلى والعقيلي والطبراني والبيهقي في الأسماء والصفات وضعفه ، عن سهل بن سعد وعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « دون الله سبعون ألف حجاب من نور وظلمة ما يسمع من نفس من حس تلك الحجب إلا زهقت نفسه » .