معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلۡأَرۡضِ إِلَّا مَن شَآءَ ٱللَّهُۖ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخۡرَىٰ فَإِذَا هُمۡ قِيَامٞ يَنظُرُونَ} (68)

قوله تعالى :{ ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض } أي : ماتوا من الفزع وهي النفخة الأولى { إلا من شاء الله } اختلفوا في الذين استثناهم عز وجل ، وقد ذكرناهم في سورة النمل . قال الحسن : إلا من شاء الله يعني الله وحده : { ثم نفخ فيه } أي : في الصور { أخرى } أي : مرة أخرى { فإذا هم قيام ينظرون } من قبورهم ينتظرون أمر الله فيهم .

أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنبأنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنبأنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا محمد ابن معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما بين النفختين أربعون قالوا : أربعون يوماً ؟ قال : أبيت ، قالوا : أربعون شهراً ؟ قال : أبيت ، قالوا : أربعون سنة ؟ قال :أبيت ، قال : ثم ينزل الله من السماء ماء ، فينبتون كما ينبت البقل ليس من الإنسان شيء إلا يبلى إلا عظم واحد ، وهو عجب الذنب ومنه يتركب الخلق يوم القيامة " .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلۡأَرۡضِ إِلَّا مَن شَآءَ ٱللَّهُۖ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخۡرَىٰ فَإِذَا هُمۡ قِيَامٞ يَنظُرُونَ} (68)

ثم بين - سبحانه - حال الناس عند النفخة الأولى والثانية فقال : { وَنُفِخَ فِي الصور فَصَعِقَ مَن فِي السماوات وَمَن فِي الأرض إِلاَّ مَن شَآءَ الله } .

والصور : اسم للقرن الذى ينفخ فيه إسرافيل بأمر الله - تعالى - وحقيقته لا يعلمها إلا هو - سبحانه - وقوله { فَصَعِقَ } من الصعق بمعنى الموت أو بمعنى الصوت الشديد الذى يجعل الإِنسان فى حالة ذهول شديد حتى لكأنه قد فارق الحياة .

أى : ونفخ فى الصور بأمر الله - تعالى - النفخة الأولى ، فخر ميتا كل من كان حيا فى السموات أو فى الأرض .

{ إِلاَّ مَن شَآءَ الله } له الحياة من أهلهما ، قالوا : والمستثنى من الصعق جبريل وإسرافيل وميكائيل . ولم يرد حديث صحيح يعتمد عليه فى تعيين من استثناه الله - تعالى - : من ذلك ، فالأولى تفويض من استثناه الله من الصعق إلى علمه - عز وجل - .

{ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أخرى } أى : ثم نفخ فى الصور نفخة أخرى - وهى النفخة الثانية التى يكون بعدها البعث والنشور .

{ فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ } أى : فإذا بهؤلاء الذين صعقوا بعد النفخة الأولى قيام من قبورهم ، ينظرون حولهم بدهشة وحيرة ماذا يفعل بهم ، أو ينظرون على أى حال يكون مصيرهم .

فالآية الكريمة تفيد أن النفخ فى الصور يكون مرتين : المرة الأولى يكون بعدها الصعق والموت لجميع الأحياء ، والنفخة الثانية يكون بعدها البعث والنشور وإعادة الحياة مرة أخرى .