معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي  
{۞وَإِن تَعۡجَبۡ فَعَجَبٞ قَوۡلُهُمۡ أَءِذَا كُنَّا تُرَٰبًا أَءِنَّا لَفِي خَلۡقٖ جَدِيدٍۗ أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمۡۖ وَأُوْلَـٰٓئِكَ ٱلۡأَغۡلَٰلُ فِيٓ أَعۡنَاقِهِمۡۖ وَأُوْلَـٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ} (5)

قوله تعالى : { وإن تعجب فعجب قولهم } ، العجب تغير النفس برؤية المستبعد في العادة ، والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومعناه : إنك إن تعجب من إنكارهم النشأة الآخرة مع إقرارهم بابتداء الخلق من الله عز وجل فعجب أمرهم . وكان من المشركون ينكرون البعث ، مع إقرارهم بابتداء الخلق من الله تعالى ، وقد تقرر في القلوب أن الإعادة أهون من الابتداء ، فهذا موضع العجب . وقيل : معناه : وإن تعجب من تكذيب المشركين واتخاذهم ما لا يضر ولا ينفع آلهة يعبدونها وهم قد رأوا من قدرة الله تعالى ما ضرب لهم به الأمثال فعجب قولهم ، أي : فتعجب أيضا من قولهم : { أئذا كنا ترابا } ، بعد الموت ، { أئنا لفي خلق جديد } ، أي : نعاد خلقا جديدا كما كنا قبل الموت .

قرأ نافع والكسائي ويعقوب أئذا مستفهما إنا بتركه ، على الخبر ، ضده : أبو جعفر وابن عامر . وكذلك في سبحان في موضعين ، والمؤمنون ، وآلم السجدة ، وقرأ الباقون بالاستفهام فيهما وفي الصافات في موضعين هكذا إلا إن أبا جعفر يوافق نافعا في أول الصافات فيقدم الاستفهام ويعقوب لا يستفهم الثانية { أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما إنا لمدينون } [ الصافات-53 ] . قال الله تعالى : { أولئك الذين كفروا بربهم وأولئك الأغلال في أعناقهم } ، يوم القيامة { وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون } .