غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{۞وَإِن تَعۡجَبۡ فَعَجَبٞ قَوۡلُهُمۡ أَءِذَا كُنَّا تُرَٰبًا أَءِنَّا لَفِي خَلۡقٖ جَدِيدٍۗ أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمۡۖ وَأُوْلَـٰٓئِكَ ٱلۡأَغۡلَٰلُ فِيٓ أَعۡنَاقِهِمۡۖ وَأُوْلَـٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ} (5)

1

ثم عاد سبحانه إلى ذكر المعاد فقال : { وإن تعجب } قال ابن عباس : إن تعجب يا محمد من تكذيبهم إياك بعدما كانوا حكموا أنك من الصادقين ، فهذا أعجب . أو إن تعجب من عبادتهم الأصنام بعد الدلائل الدالة على التوحيد ، أو إن تعجب يا محمد فقد عجبت في موضع العجب لأنهم اعترفوا بأنه تعالى رفع السموات بغير عمد وسخر الشمس والقمر على وفق مصالح العباد وأظهر الغرائب والعجائب في عالم الخلق ، ثم أنكروا الإعادة التي هي أهون وأسهل . قال المتكلمون : موضع العجب هو الذي لا يعرف سببه وذلك في حقه تعالى محال ، فالمراد وإن تعجب { فعجب } عندك { قولهم } وإن سلم أن المراد عجب عند الله كما قرىء في الصافات { بل عجبت } [ الصافات : 12 ] بضم التاء فتأويله أنه محمول على النهاية لا على البداية أي منكر عند الله ما قالوه فإن الإنسان إذا تعجب من شيء أنكره . قال في الكشاف { أئذا كنا } إلى آخر قولهم ، يجوز أن يكون في محل الرفع بدلاً من قولهم ، وأن يكون منصوباً بالقول . وإذا نصب بما دل عليه قوله : { أئنا لفي خلق جديد } وهو نبعث أو نحشر . ثم حكم عليهم بأمور ثلاثة : الأول { أولئك الذي كفروا بربهم } يعني أولئك الكاملون المتمادون في كفرهم وذلك أن إنكار البعث لا يكون إلا عن إنكار القدرة أو عن إنكار كمالها بأن يقال : إنه موجب بالذات لا فاعل بالاختيار فلا يمكنه إيجاد الحيوان إلا بواسطة الأبوين وتأثير الطبائع والأفلاك أو إنكار العلم بأن يقال : إنه غير عالم بالجزئيات فلا يمكنه تمييز المطيع عن العاصي ، أو تمييز أجزاء بدن زيد عن أجزاء بدن عمرو ، أو إنكار الصدق كما إذا قيل : إنه أخبر عنه ولكنه لا يفعل لأن الكذب جائز عليه كما لا يكذب أحدنا بناء على مصلحة عامة أو خاصة وكل واحدة من هذه العقائد كفر فضلاً عن جميعها . والثاني : { وأولئك الأغلال في أعناقهم } قال الأصم : المراد بذلك كفرهم . وذلتهم وانقيادهم للأصنام . يقال للرجل هذا غل في عنقك للعمل الرديء إذا كان لازماً له وهو مصر على فعله . وقال آخرون : هو من جملة الوعيد . ولابد من تجوّز على القولين : أما على الأول فظاهر ، وأما على الثاني فلأن المراد أنه سيحصل هذا المعنى . والظاهر أنه حاصل في الحال ويؤيد القول الثاني قوله : { إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل } والأول قوله : { إنا جعلنا في أعناقهم أغلالاً } [ يس : 8 ] والثالث : { وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون } وربما يستدل الأشاعرة به أن الصيغة للحصر فيدل على أن أهل الكبائر لا يخلدون في النار ، ويمكن أن يناقش في إفادتها الحصر .

/خ11