ثم عاد سبحانه إلى ذكر المعاد فقال : { وإن تعجب } قال ابن عباس : إن تعجب يا محمد من تكذيبهم إياك بعدما كانوا حكموا أنك من الصادقين ، فهذا أعجب . أو إن تعجب من عبادتهم الأصنام بعد الدلائل الدالة على التوحيد ، أو إن تعجب يا محمد فقد عجبت في موضع العجب لأنهم اعترفوا بأنه تعالى رفع السموات بغير عمد وسخر الشمس والقمر على وفق مصالح العباد وأظهر الغرائب والعجائب في عالم الخلق ، ثم أنكروا الإعادة التي هي أهون وأسهل . قال المتكلمون : موضع العجب هو الذي لا يعرف سببه وذلك في حقه تعالى محال ، فالمراد وإن تعجب { فعجب } عندك { قولهم } وإن سلم أن المراد عجب عند الله كما قرىء في الصافات { بل عجبت } [ الصافات : 12 ] بضم التاء فتأويله أنه محمول على النهاية لا على البداية أي منكر عند الله ما قالوه فإن الإنسان إذا تعجب من شيء أنكره . قال في الكشاف { أئذا كنا } إلى آخر قولهم ، يجوز أن يكون في محل الرفع بدلاً من قولهم ، وأن يكون منصوباً بالقول . وإذا نصب بما دل عليه قوله : { أئنا لفي خلق جديد } وهو نبعث أو نحشر . ثم حكم عليهم بأمور ثلاثة : الأول { أولئك الذي كفروا بربهم } يعني أولئك الكاملون المتمادون في كفرهم وذلك أن إنكار البعث لا يكون إلا عن إنكار القدرة أو عن إنكار كمالها بأن يقال : إنه موجب بالذات لا فاعل بالاختيار فلا يمكنه إيجاد الحيوان إلا بواسطة الأبوين وتأثير الطبائع والأفلاك أو إنكار العلم بأن يقال : إنه غير عالم بالجزئيات فلا يمكنه تمييز المطيع عن العاصي ، أو تمييز أجزاء بدن زيد عن أجزاء بدن عمرو ، أو إنكار الصدق كما إذا قيل : إنه أخبر عنه ولكنه لا يفعل لأن الكذب جائز عليه كما لا يكذب أحدنا بناء على مصلحة عامة أو خاصة وكل واحدة من هذه العقائد كفر فضلاً عن جميعها . والثاني : { وأولئك الأغلال في أعناقهم } قال الأصم : المراد بذلك كفرهم . وذلتهم وانقيادهم للأصنام . يقال للرجل هذا غل في عنقك للعمل الرديء إذا كان لازماً له وهو مصر على فعله . وقال آخرون : هو من جملة الوعيد . ولابد من تجوّز على القولين : أما على الأول فظاهر ، وأما على الثاني فلأن المراد أنه سيحصل هذا المعنى . والظاهر أنه حاصل في الحال ويؤيد القول الثاني قوله : { إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل } والأول قوله : { إنا جعلنا في أعناقهم أغلالاً } [ يس : 8 ] والثالث : { وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون } وربما يستدل الأشاعرة به أن الصيغة للحصر فيدل على أن أهل الكبائر لا يخلدون في النار ، ويمكن أن يناقش في إفادتها الحصر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.