تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{۞وَإِن تَعۡجَبۡ فَعَجَبٞ قَوۡلُهُمۡ أَءِذَا كُنَّا تُرَٰبًا أَءِنَّا لَفِي خَلۡقٖ جَدِيدٍۗ أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمۡۖ وَأُوْلَـٰٓئِكَ ٱلۡأَغۡلَٰلُ فِيٓ أَعۡنَاقِهِمۡۖ وَأُوْلَـٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ} (5)

وقوله تعالى : ( وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ ) قال الحسن : إن تعجب يا محمد من تكذيبهم إياك في الرسالة فعجب قولهم حين[ في الأصل وم : حيث ] قالوا : ( أَئِذَا كُنَّا تُرَاباً أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ) .

وقال بعضهم : ( وإن تعجب ) يا محمد مما أوحينا إليك من القرآن كقوله في الصافات : ( وإن تعجب )[ الآية : 12 ] ( فعجب قولهم ) أي فأعجب أيضا قولهم ؛ يقول : لكن قولهم أعجب حين قالوا ( أَئِذَا كُنَّا تُرَاباً أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ) تكذيبا للبعث . وأصله ، والله أعلم ، يقول : إن عجبت من[ في الأصل وم : و ] قولهم في تكذيبهم إياك في الرسالة ، ولم تكن رسولا من قبل ، فقولهم وإنكارهم قدرة الله على البعث والإحياء بعد الموت أعجب ، إذ قد رأوا ، وشاهدوا من قدرة الله وآياته بعد الهلاك أعجب من تكذيبهم ما لو تفكروا ، وتأملوا ، ولم يعاندوا ، وعرفوا أنه قادر على ذلك كله .

فوصفهم الله تعالى بالعجز وأنه لا يقدر على بعث والإحياء بعد الهلاك أعجب من تكذيبهم إياك في الرسالة . ولم يكن سبق منك إليهم ما يوجب رسالتك وتصديقك ، وقد سبق من الله إليهم ما يعرفهم قدرته على ذلك أو على أكثر منه .

وأصله ، والله أعلم : وإن تعجب لإنكارهم وتكذيبهم إياك ، ولم يكن منك إليهم حقيقة الهداية والنعم والآيات والحجج ، وإنما كان منك البيان والدعاء ، فأعجب قولهم في إنكار قدرة الله على البعث ، وقولهم في الله ما قالوا فيه بعد معرفتهم حقيقة ذلك كله بالله إليهم ، والله أعلم .

وقوله تعالى : ( أُوْلَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ ) يشبه أن يكون لما كفروا بالبعث كان كفرهم باله لأنهم عرفوه عاجزا حين[ في الأصل وم : حيث ] قالوا : لا يقدر على بعث الخلق ومن عرف ربه عاجزا فهو لم يعرف الرب [ حقيقة والإله حقيقة ][ في الأصل : الحقيقة ، في م : الحقيقة والأله الحقيقة ] .

وقوله تعالى : ( وَأُوْلَئِكَ الأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ ) قال بعضهم : صار للكفرة في أعناقهم أغلال حين ][ في الأصل وم : أغلالا حيث ] أنكروا الرسالة في البشر ، ثم جعلوا الأصنام والأوثان معبودهم ، يعكفون لها ، ويخضعون ، هي الأغلال . وقال بعضهم : قوله : ( وَأُوْلَئِكَ الأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ ) في الآخرة كقوله : ( خذوه فغلوه )الآية[ الحاقة : 3 ] ( وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) .