التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{۞وَإِن تَعۡجَبۡ فَعَجَبٞ قَوۡلُهُمۡ أَءِذَا كُنَّا تُرَٰبًا أَءِنَّا لَفِي خَلۡقٖ جَدِيدٍۗ أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمۡۖ وَأُوْلَـٰٓئِكَ ٱلۡأَغۡلَٰلُ فِيٓ أَعۡنَاقِهِمۡۖ وَأُوْلَـٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ} (5)

قوله تعالى : { وَإِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ الأَغْلاَلُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدونَ } يخاطب الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بأنك إن تعجب يا محمد من تكذيب هؤلاء المشركين وجحودهم فأعجب من قولهم : { أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ } الهمز للاستفهام ؛ يعني إذا صارت أجسادنا ترابا وأتى عليها الدثور والبلى أنبعث من جديد ؟ على أن الله لا يتعجب ؛ لأن التعجب لون من ألوان الأفعال النفسي ؛ فهو من صنع البشر ، والله سبحانه منزه عن طبائع البشر . وهذا الذكر لصيغة العجب يراد منه إثارة التعجيب في نفس الرسول صلى الله عليه وسلم وكل مؤمن متدبر .

قوله : { أُوْلَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ } الله تعالى يصم الذين يكذبون بالعبث من القبور ويجحدون قيام الساعة بأنهم كافرون بالله . ذلك أن الساعة والبعث والحساب والجزاء من تقدير الله وصنعه ، فمن جحد ذلك كان مكذبا لله ذي الجلال والشأن .

قوله : { وَأُوْلَئِكَ الأَغْلاَلُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدونَ } { الأغلال } جمع ومفرده الغل بالضم{[2315]} . في رقبته غل من حديد ؛ أي قيد . فالأغلال تعني القيود توضع في أعناق الكافرين والضالين والفاسقين وهم يساقون إلى النار ليكونوا من أهلها وساكنيها الخالدين الماكثين أبدا{[2316]} .


[2315]:مختار الصحاح ص 479.
[2316]:تفسير الرازي جـ 19 ص 9- 11 والبيان لابن الأنباري جـ 2 ص 48.