معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي  
{وَأَصۡبَحَ ٱلَّذِينَ تَمَنَّوۡاْ مَكَانَهُۥ بِٱلۡأَمۡسِ يَقُولُونَ وَيۡكَأَنَّ ٱللَّهَ يَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِۦ وَيَقۡدِرُۖ لَوۡلَآ أَن مَّنَّ ٱللَّهُ عَلَيۡنَا لَخَسَفَ بِنَاۖ وَيۡكَأَنَّهُۥ لَا يُفۡلِحُ ٱلۡكَٰفِرُونَ} (82)

قوله تعالى : { وأصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس } صار أولئك الذين تمنوا ما رزقه الله من المال والزينة يتندمون على ذلك التمني ، والعرب تعبر عن الصيرورة بأضحى وأمسى وأصبح ، تقول : أصبح فلان عالماً ، وأضحى معدماً ، وأمسى حزيناً ، { يقولون ويكأن الله } اختلفوا في معنى هذه اللفظة ، قال مجاهد : ألم تعلم ، وقال قتادة : ألم تر . قال الفراء : هي كلمة تقرير كقول الرجل : أما ترى إلى ما صنع الله وإحسانه . وذكر أنه أخبره من سمع أعرابية تقول لزوجها : أين ابنك ؟ فقال : ويكأنه وراء البيت ، يعني : أما ترينه وراء البيت . وعن الحسن : أنه كلمة ابتداء ، تقديره : أن الله يبسط الرزق . وقيل : هو تنبيه بمنزلة إلا ، وقال قطرب : ويك بمعنى ويلك ، حذفت اللام منه كما قال عنترة :

ولقد شفى نفسي وأبرأ سقمها *** قول الفوارس ويك عنتر أقدم

أي : ويلك ، وأن منصوب بإضمار اعلم أن الله ، وقال الخليل : وي مفصولة من كأن ومعناها التعجب ، كما تقول : وي لم فعلت ذلك ! وذلك أن القوم تندموا فقالوا : وي ! متندمين على ما سلف منهم وكأن معناها أظن ذلك وأقدره ، كما تقول كأن : الفرح قد أتاك أي أظن ذلك وأقدره ، { يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر } أي : يوسع ويضيق ، { لولا أن من الله علينا لخسف بنا } قرأ حفص ، ويعقوب : بفتح الخاء والسين ، وقرأ العامة بضم الخاء وكسر السين ، { ويكأنه لا يفلح الكافرون } .