إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَأَصۡبَحَ ٱلَّذِينَ تَمَنَّوۡاْ مَكَانَهُۥ بِٱلۡأَمۡسِ يَقُولُونَ وَيۡكَأَنَّ ٱللَّهَ يَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِۦ وَيَقۡدِرُۖ لَوۡلَآ أَن مَّنَّ ٱللَّهُ عَلَيۡنَا لَخَسَفَ بِنَاۖ وَيۡكَأَنَّهُۥ لَا يُفۡلِحُ ٱلۡكَٰفِرُونَ} (82)

{ وَأَصْبَحَ الذين تَمَنَّوْاْ مَكَانَهُ } منزلتَه { بالأمس } منذ زمانٍ قريبٍ { يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ الله يَبْسُطُ الرزق لِمَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ } أي يفعلُ كلَّ واحدٍ من البسطِ والقدرِ بمحضِ مشيئتهِ لا لكرامةٍ تُوجب البسطَ ولا لهوانٍ يقتضِي القبضَ . ويكأنّ عند البصريينَ مركبٌ من وَيْ للتَّعجبِ وكأنَّ للتشبيهِ والمعنى ما أشبَه الأمرَ أنَّ الله يبسط الخ . وعند الكوفيينَ من وَيْكَ بمعنى ويلك وأنَّ وتقديرُه وَيكَ أعلَم أنَّ الله وإنَّما يستعملُ عند التنبهِ على الخطأِ والتندُّم والمعنى أنَّهم قد تنبَّهوا على خطئِهم من تمنِّيهم وتندَّموا على ذلك { لَوْلا أَن مَّنَّ الله عَلَيْنَا } بعدم إعطائِه إيانَّا ما تمنيناهُ وإعطائنا مثلَ ما أعطاه إيَّاه . وقرئ لولا مَنَّ الله علينا { لَخَسَفَ بِنَا } كما خسفَ بهِ . وقرئ لخُسِف بنا على البناءِ للمفعولِ وبنا هو القائمُ مقامَ الفاعلِ . وقرئ لا تْخسفَ بنا كقولِك أنقطعَ بهِ ، وقرئ لتُخْسف بنا { وَيْكَأَنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الكافرون } لنعمةِ الله تعالى أو المكذَّبون برسلِه وبما وعدُوا من ثوابِ الآخرةِ .