فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَأَصۡبَحَ ٱلَّذِينَ تَمَنَّوۡاْ مَكَانَهُۥ بِٱلۡأَمۡسِ يَقُولُونَ وَيۡكَأَنَّ ٱللَّهَ يَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِۦ وَيَقۡدِرُۖ لَوۡلَآ أَن مَّنَّ ٱللَّهُ عَلَيۡنَا لَخَسَفَ بِنَاۖ وَيۡكَأَنَّهُۥ لَا يُفۡلِحُ ٱلۡكَٰفِرُونَ} (82)

{ وأصبح } أي صار { الذين تمنوا مكانه } أي : منزلته ورتبته من الدنيا { بالأمس } أي منذ زمان قريب ، ولم يرد خصوص اليوم الذي قبل يومه .

{ ويقولون : ويكأن الله } أي : يقول كل واحد منهم متندما على ما فرط منه من التمني ، قال النحاس : أحسن ما قيل في هذا ما قاله الخليل وسيبويه ويونس والكسائي : إن القوم تنبهوا فقالوا : وي ، والمتندم من العرب يقول في خلاله ندمه : وي ، قال الجوهري ، : وي كلمة تعجب ؛ ويقال ويك ، وقد تدخل وي على كأن المخففة والمشددة ، ويكأن الله . قال الخليل : هي مفصولة تقول وي ، ثم تبتدى فتقول : كأن ، وقال الفراء : هي كلمة تقرير كقولك : أما نرى صنع الله وإحسانه ، وقيل : هي كلمة تنبيه بمنزلة ألا ، وقال قطرب إنما هو ويلك فأسقطت لامه ، وقال ابن الأعرابي والأخفش : معنى ويك أعلم ، وقال القتيبي : معناها بلغة حمير رحمة لك ؛ وقيل :

هي بمعنى ألم تر ؟ وروي عن الكسائي أنه قال : هي كلمة تفجع ، وقيل : معناها أظن وأقدر :

{ يبسط } أي : يوسع { الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر } أي : ويضيق على من يشاء ، والمعنى : ليس الأمر كما زعمنا من أن البسط ينبئ عنة الكرامة ، والقبض ينبئ عن الهوان ، بل كل منهما بمقتضى مشيئته .

{ لولا أن منّ الله علينا } برحمته بعدم إعطاء ما تمنيناه ، وعصمنا من مثل ما كان عليه قارون من البطر والبغي { لخسف بنا } كما خسف به ، وقرئ مبنيا للفاعل وللمفعول { ويكأنه لا يفلح الكافرون } أي : لا يفوزون بمطلب من مطالبهم تأكيد لما قبله .