{ وأصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس } : بدل ، وأصبح ، إذا حمل على ظاهره ، أن الخسف به وبداره كان ليلاً ، وهو أفظع العذاب ، إذ الليل مقر الراحة والسكون ، والأمس يحتمل أن يراد به الزمان الماضي ، ويحتمل أن يراد به ما قبل يوم الخسف ، وهو يوم التمني ، ويدل عليه العطف بالفاء التي تقتضي التعقيب في قوله : { فخسفنا } ، فيكون فيه اعتقاب العذاب خروجه في زينته ، وفي ذلك تعجيل العذاب .
ومكانه : منزلته في الدنيا من الثروة والحشم والأتباع .
و : وي ، عند الخليل وسيبويه : اسم فعل مثل : صه ومه ، ومعناها : أعجب .
قال الخليل : وذلك أن القوم ندموا فقالوا : متندمين على ما سلف منهم : وي ، وكل من ندم فأظهر ندامته قال : وي .
وكأن : هي كاف التشبيه الداخلة على أن ، وكتبت متصلة بكاف التشبيه لكثرة الاستعمال ، وأنشد سيبويه :
وي كأن من يكن له نشب يح *** سبب ومن يفتقر يعش عيش ضر
وحكى الفراء أن امرأة قالت لزوجها : أين ابنك ؟ فقال : ويكأنه وراء البيت ، وعلى هذا المذهب يكون الوقف على وي .
وقال الأخفش : هي ويك ، وينبغي أن تكون الكاف حرف خطاب ، ولا موضع له من الإعراب ، والوقف عليه ويك ، ومنه قول عنترة :
ولقد شفا نفسي وأبرأ سقمها *** قيل الفوارس ويك عنتر اقدم
قال الأخفش : وأن عنده مفتوح بتقدير العلم ، أي أعلم أن الله ، وقال الشاعر :
ألا ويك المضرة لا تدوم *** ولا يبقى على البؤس النعيم
وذهب الكسائي ويونس وأبو حاتم وغيرهم إلى أن أصله ويلك ، فحذفت اللام والكاف في موضع جر بالإضافة .
فعلى المذهب الأول قيل : تكون الكاف خالية من معنى التشبيه ، كما قيل : { ليس كمثله شيء } وعلى المذهب الثاني ، فالمعنى : أعجب لأن الله .
وعلى المذهب الثالث تكون ويلك كلمة تحزن ، والمعنى أيضاً : لأن الله .
وقال أبو زيد وفرقة معه : ويكأن ، حرف واحد بجملته ، وهو بمعنى : ألم تر .
وبمعنى : ألم تر ، قال ابن عباس والكسائي وأبو عبيد .
وقال الفراء : ويك ، في كلام العرب ، كقوله الرجل : أما ترى إلى صنع الله ؟ وقال ابن قتيبة ، عن بعض أهل العلم أنه قال : معنى ويك : رحمة لك ، بلغة حمير .
ولما صدر منهم تمني حال قارون ، وشاهدوا الخسف ، كان ذلك زاجراً لهم عن حب الدنيا ، وداعياً إلى الرضا بقدر الله ، فتنبهوا لخطئهم فقالوا : وي ، ثم قالوا : { كأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده } ، بحسب مشيئته وحكمته ، لا لكرامته عليه ، ويضيق على من يشاء ، لا لهوانه ، بل لحكمته وقضائه ابتلاء .
وقرأ الأعمش : لولا منّ الله ، بحذف أن ، وهي مزادة .
وروي عنه : منّ الله ، برفع النون والإضافة .
وقرأ الجمهور : لخسف مبنياً للمفعول ؛ وحفص ، وعصمة ، وأبان عن عاصم ، وابن أبي حماد عن أبي بكر : مبنياً للفاعل ؛ وابن مسعود ، وطلحة ، والأعمش : لا نخسف بنا ، كقولك : انقطع بنا ، كأنه فعل مطاوع ، والمقام مقام الفاعل هو { بنا } .
ويجوز أن يكون المصدر : أي لا نخسف الانخساف ، ومطاوع فعل لا يتعدى إلى مفعول به ، فلذلك بني إما لبنا وإما للمصدر .
وعن ابن مسعود أيضاً : لتخسف ، بتاء وشد السين ، مبنياً للمفعول .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.