{ ثم أورثنا الكتاب } حكمنا بتوريثه منك أو نورثه فعبر عنه بالماضي لتحققه ، أو أورثناه من الأمم السالفة ، والعطف على { إن الذين يتلون } { والذي أوحينا إليك } اعتراض لبيان كيفية التوريث . { الذين اصطفينا من عبادنا } يعني علماء الأمة من الصحابة ومن بعدهم ، أو الأمة بأسرهم فإن الله اصطفاهم على سائر الأمم { فمنهم ظالم لنفسه } بالتقصير في العمل به . { ومنهم مقتصد } يعمل به في غالب الأوقات . { ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله } بضم التعليم والإرشاد إلى العمل ، وقيل الظالم الجاهل والمقتصد المتعلم والسابق العالم . وقيل الظالم المجرم والمقتصد الذي خلط الصالح بالسيئ والسابق الذي ترجحت حسناته بحيث صارت سيئاته مكفرة ، وهو معنى قوله عليه الصلاة والسلام " أما الذين سبقوا فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب ، وأما الذين اقتصدوا فأولئك يحاسبون حسابا ، يسيرا وأما الذين ظلموا أنفسهم فأولئك يحبسون في طول المحشر ثم يتلقاهم الله برحمته " . وقيل الظالم الكافر على أن الضمير للعباد ، وتقديمه لكثرة الظالمين ولأن الظلم بمعنى الجهل و الركون إلى الهوى مقتضى الجبلة والاقتصاد والسبق عارضان . { ذلك هو الفضل الكبير } إشارة إلى التوريث أو الاصطفاء أو السبق .
{ أورثنا } معناه أعطيناه فرقة بعد موت فرق ، والميراث حقيقة أو مجازاً إنما يقال فيما صار لإنسان بعد موت آخر ، و { الكتاب } هنا يريد به معاني الكتاب وعلمه وأحكامه وعقائده ، فكأن الله تعالى لما أعطى أمة محمد صلى الله عليه وسلم القرآن وهو قد تضمن لمعاني الكتب المنزلة ، قبله ، فكأنه ورث أمة محمد الكتاب الذي كان في الأمم قبلها ، و { الذين اصطفينا } يريد بهم أمة محمد صلى الله عليه وسلم قاله ابن عباس وغيره ، وكأن اللفظ يحتمل أن يريد به جميع المؤمنين من كل أمة إلا أن عبارة توريث الكتاب لم تكن إلا لأمة محمد صلى الله عليه وسلم ، والأول لم يورثوه ، و { اصطفينا } معناه اخترنا وفضلنا ، و «العباد » عام في جميع العالم ، مؤمنهم وكافرهم ، واختلف الناس في عود الضمير من قوله { فمنهم } فقال ابن عباس وابن مسعود ما مقتضاه إن الضمير عائد على { الذين } والأصناف الثلاثة هي كلها في أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، ف «الظالم لنفسه » العاصي المسرف ، و «المقتصد » متقي الكبائر والجمهور من الأمة ، و «السابق » المتقي على الإطلاق ، وقالت هذه الفرقة والأصناف الثلاثة في الجنة وقاله أبو سعيد الخدري .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.