التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{ثُمَّ أَوۡرَثۡنَا ٱلۡكِتَٰبَ ٱلَّذِينَ ٱصۡطَفَيۡنَا مِنۡ عِبَادِنَاۖ فَمِنۡهُمۡ ظَالِمٞ لِّنَفۡسِهِۦ وَمِنۡهُم مُّقۡتَصِدٞ وَمِنۡهُمۡ سَابِقُۢ بِٱلۡخَيۡرَٰتِ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَضۡلُ ٱلۡكَبِيرُ} (32)

قوله تعالى { ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير جنات عدن يدخلونها يحلوّن فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا } .

قال أحمد : ثنا وكيع ، ثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن ثابت أو عن أبي ثابت أن رجلا دخل مسجد دمشق فقال : اللهم آنس وحشتي وارحم غربتي وارزقني جليسا صالحا فسمعه أبو الدرداء فقال : لئن كنت صادقا لأنا أسعد بما قلت منك سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( فمنهم ظالم لنفسه } يعني الظالم يؤخذ منه في مقامه ذلك فذلك الهم والحزن { ومنهم مقتصد } قال : يحاسب حسابا يسيرا { ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله } قال : الذين يدخلون الجنة بغير حساب .

( المسند 5/194 ) وأخرجه الطبري ( التفسير 22/137 ) من طريق أبي أحمد الزبيري عن سفيان به ، وإسناده صحيح ( انظر مرويات التفسير 3/ 460 ) . وقال الهيثمي : رواه أحمد بأسانيد رجال أحدها رجال الصحيح ( مجمع الزوائد 7/95 ) .

أخرج الطبري بسنده الحسن عن ابن عباس قوله { ثم أورثنا الكتاب } إلى قوله { الفضل الكبير } هم أمة محمد صلى الله عليه وسلم ورثهم الله كل كتاب أنزله ، فظالمهم يغفر له ، ومقتصدهم يحاسب حسابا يسيرا ، وسابقهم يدخل الجنة بغير حساب .

أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله { ثم أورثنا الكتب الذين اصطفينا من عبادنا } شهادة لا إله إلا الله { فمنهم ظالم لنفسه } هذا المنافق في قول قتادة والحسن { ومنهم مقتصد } قال : هذا صاحب اليمين { ومنهم سابق بالخيرات } قال : هذا المقرب ، قال قتادة : كان الناس ثلاث منازل في الدنيا ، وثلاث منازل عند الموت ، وثلاث منازل في الآخرة .

أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد قوله : { ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه } قال هم أصحاب المشأمة { منهم مقتصد } قال : أصحاب الميمنة { ومنهم سابق بالخيرات } قال : فهم السابقون من الأمم كلها .