جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{ثُمَّ أَوۡرَثۡنَا ٱلۡكِتَٰبَ ٱلَّذِينَ ٱصۡطَفَيۡنَا مِنۡ عِبَادِنَاۖ فَمِنۡهُمۡ ظَالِمٞ لِّنَفۡسِهِۦ وَمِنۡهُم مُّقۡتَصِدٞ وَمِنۡهُمۡ سَابِقُۢ بِٱلۡخَيۡرَٰتِ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَضۡلُ ٱلۡكَبِيرُ} (32)

{ ثم أورثنا } : حكمنا بتوريثه منك أو عبر بالماضي عن المضارع لتحققه ، { الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا } : آلك وأصحابك ومن بعدهم من أمتك ، { فمنهم ظالم لنفسه } : لتقصيرهم في العمل به ، وهم يحبسون في طول المحشر حتى يصيبهم الهم الطويل ، ثم{[4210]} يدخلون الجنة وفي الحديث{[4211]} { هم الذين يقولون الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن } ويدل على ما فسرنا الأحاديث الكثيرة ، { ومنهم مقتصد } : لأنهم يعملون به في أغلب أحوالهم ، وهم يحاسبون حسابا يسيرا ، { ومنهم سابق بالخيرات } : بالطاعات هم الأولياء والأبرار ، { بإذن الله } : بأمره ، وإرادته وهم يدخلون الجنة من غير حساب ، أخر السابقين لقلتهم ، وللترقي من الأدنى ، وعن عائشة حين سأل{[4212]} عقبة عن تلك الآيات ''يا بني كلهم في الجنة أمّا السابق فمن مضى على عهد رسول -الله صلى الله عليه وسلم- وشهد له بالجنة ، وأما المقتصد فمن اتبع أثره من أصحابه ، وأما الظالم فمثلي ومثلكم'' ، وهذا منها -رضي الله عنها- من باب التواضع ، وهضم النفس وعن بعض الظالم لنفسه كافر أو منافق فحينئذ ضمير منهم للعباد لا للذين اصطفينا والأول أصح ، { ذلك } : التوريث ، وقيل السبق ، { هو الفضل الكبير } : العظيم ،


[4210]:كذا رواه الإمام أحمد، وابن أبي حاتم وابن جرير/ 12 وجيز.
[4211]:رواه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم، وابن مردويه والبيهقي عن أبي الدرداء مرفوعا [رواه أحمد بأسانيد رجال أحدها رجال الصحيح، وهي هذه إن كان على ابن عبد الله الأزدي سمع من أبي الدرداء فإنه تبعي، كما في المجمع (7/95)] قال البيهقي: إذا كثرت الروايات في حديث ظهر أن للحديث أصلا/ 12 در منثور ملخصا.
[4212]:رواه أبو داود/ 12 وجيز.