أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي  
{فَٱنطَلَقَا حَتَّىٰٓ إِذَآ أَتَيَآ أَهۡلَ قَرۡيَةٍ ٱسۡتَطۡعَمَآ أَهۡلَهَا فَأَبَوۡاْ أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارٗا يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ فَأَقَامَهُۥۖ قَالَ لَوۡ شِئۡتَ لَتَّخَذۡتَ عَلَيۡهِ أَجۡرٗا} (77)

{ فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية } قرية أنطاكية وقيل أبلة البصرة . وقيل باجروان أرمينية . { استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما } وقرئ { يضيفوهما } من إضافة يقال ضافه إذا نزل به ضيفا وأضافه وضيفه أنزله ، وأصل التركيب للميل يقال ضاف السهم عن الغرض إذا مال . { فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقضّ } يداني أن يسقط فاستعيرت الإرادة للمشارفة كما استعير لها الهم والعزم قال :

يريد الرّمح صدر أبي براءٍ *** ويعدلُ عن دماء بني عقيلِ

وقال :

إن دهراً يلمُّ شملي بجملٍ *** لزمانٌ يهم بالإحسانِ

وانقض انفعل من قضضه إذا كسرته ، ومنه انقضاض الطير والكواكب لهويه ، أو أفعل من النقض . وقرئ " أن ينقض " و " أن ينقاص " بالصاد المهملة من انقاصت السن إذا انشقت طولاً . { فأقامه } بعمارته أو بعمود عمده به ، وقيل مسحه بيده فقام . وقيل نقضه وبناه . { قال لو شئت لاتخذت عليه أجراً } تحريضا على أخذ الجعل لينتعشا به ، أو تعريضا بأنه فضول لما في { لو } من النفي كأنه لما رأى الحرمان ومساس الحاجة واشتغاله بما لا يعنيه لم يتمالك نفسه ، واتخذ افتعل من تخذ كاتبع من تبع وليس من الأخذ عند البصريين ، وقرأ ابن كثير والبصريان " لتخذت " أي لأخذت وأظهر ابن كثير يعقوب وخفص الدال وأدغمه الباقون .