{ فانطلقا } بعد قتله { حتى إذا أتيا أهل قرية } {[47062]}عبر عنها هنا بالقرية دون المدينة {[47063]}لأنه أدل على الذم ، لأن مادة قرا تدور على الجمع الذي يلزمه الإمساك كما تقدم في آخر سورة يوسف عليه السلام{[47064]} ؛ ثم وصفها {[47065]}ليبين أن{[47066]} لها مدخلاً في لؤم أهلها بقوله تعالى : { استطعما } وأظهر ولم يضمر في قوله : { أهلها } لأن {[47067]}الاستطعام لبعض من أتوه ، أوكل{[47068]} من الإتيان والاستطعام لبعض ولكنه غير متحد ، وهذا هو{[47069]} الظاهر ، لأنه هو الموافق للعادة .
قال الإمام أبو الحسن الحرالي في كتابه مفتاح الباب المقفل لفهم القرآن المنزل : ولتكرار الأسماء بالإظهار والإضمار بيان سنين{[47070]} الأفهام في{[47071]} القرآن : اعلم أن لوقوع الإظهار والإضمار في بيان القرآن وجهين : أحدهما يتقدم فيه الإظهار وهو خطاب المؤمنين بآيات الآفاق وعلى نحوه هو خطاب الخلق{[47072]} بعضهم لبعض لا يضمرون إلا بعد أن يظهروا ، والثاني يتقدم فيه الإضمار وهو خطاب الموقنين بآية الأنفس ، ولم يصل إليه تخاطب الخلق . فإذا كان البيان عن إحاطة ، تقدم الإضمار { قل هو الله أحد } وإذا كان عن اختصاص ، تقدم الإظهار{[47073]} { الله الصمد } وإذا رد عليه بيان على حدة أضمر { لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد{[47074]} } {[47075]}أي هذا الذي عم بأحديته وخص بصمديته{[47076]} ، وإذا أحاط البيان بعد اختصاص استؤنف له إحاطة باستئناف إظهار محيط أو بإضمار ، أو بجمع المضمر والمظهر{[47077]}
{ يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم{[47078]} }[ الحجرات : 1 ]
{ إن بطش ربك لشديد إنه هو يبدىء ويعيد{[47079]} }[ البروج : 12 ] { هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة{[47080]} }[ الحشر : 22 ] والتفطن لما اختص به بيان القرآن{[47081]} عن بيان الإنسان من هذا النحو من مفاتيح أبواب الفهم ، ومن نحوه { أتيا أهل قرية استطعما أهلها } استأنف للمستطعمين{[47082]} إظهاراً{[47083]} غير إظهارعموم المأتيين{[47084]} - انتهى . وجعل السبكي الإتيان للبعض ، والاستطعام للكل ، لأنه أشد ذماً لأهل القرية وأدل على شر طبعها ، ومن قال بالأول مؤيد بقول الشافعي في كتاب الرسالة{[47085]} في باب ما نزل من الكتاب عاماً{[47086]} يراد به العام ويدخلها الخصوص وهو بعد البيان الخامس في قول الله عز وجل { حتى إذا أتيا قرية استطعما أهلها } : وفي هذه الآية أدل{[47087]} دلالة على أنه{[47088]} لم يستطعما كل أهل القرية وفيها خصوص - انتهى ، وبيان ذلك أن نكرة إذا أعيدت كانت الثانية غير الأولى ، وإذا أعيدت معرفة كانت عيناً في الأغلب .
ولما أسند الإتيان إلى أهل القرية كان ظاهره تناول الجميع ، فلو قيل : استطعماهم لكان المراد بالضمير عين المأتيين ، فلما عدل عنه - مع أنه أخصر - إلى الظاهر ولا سيما إن جعلناه نكرة كان غير الأولى وإلا لم يكن للعدول فائدة ، وقد كان الظاهر أن الأول للجميع فكان الثاني للبعض ، وإلا لم يكن غيره ولا كان للعدول فائدة{[47089]} . { فأبوا{[47090]} } أي فتسبب عن استطعامهما أن أبى المستطعمون {[47091]}من أهل القرية { أن يضيفوهما } {[47092]}أي ينزلوهما ويطعموهما{[47093]} فانصرفا عنهم { فوجدا فيها } أي القرية ، {[47094]}ولم يقل : فيهم ، إيذاناً بأن المراد وصف القرية بسوء الطبع{[47095]} { جداراً } مشرفاً على السقوط ، وكذا{[47096]} قال مستعيراً لما لا يعقل صفة ما{[47097]} يعقل : { يريد أن ينقض } {[47098]}أي يسقط سريعاً{[47099]} فمسحه الخضر{[47100]} بيده { فأقامه } .
{[47101]}ولما انقضى وصف القرية وما تسبب عنه أجاب " إذا " بقوله{[47102]} : { قال } {[47103]}أي له موسى عليه السلام : { لو شئت لتخذت } لكوننا لم يصل إلينا منهم شيء { عليه } {[47104]}أي على إقامة الجدار{[47105]} { أجراً * } نأكل به ، فلم يعترض عليه في هذه المرة لعدم ما ينكر فيها ، وإنما ساق ما يترتب عليها من ثمرتها مساق العرض والمشورة غير أنه يتضمن السؤال
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.