مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{فَٱنطَلَقَا حَتَّىٰٓ إِذَآ أَتَيَآ أَهۡلَ قَرۡيَةٍ ٱسۡتَطۡعَمَآ أَهۡلَهَا فَأَبَوۡاْ أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارٗا يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ فَأَقَامَهُۥۖ قَالَ لَوۡ شِئۡتَ لَتَّخَذۡتَ عَلَيۡهِ أَجۡرٗا} (77)

{ فانطلقا حتى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ } هي أنطاكية أو الأيلة وهي أبعد أرض الله من السماء { استطعما أَهْلَهَا } استضافاً { فَأَبَوْاْ أَن يُضَيّفُوهُمَا } ضيفه أنزله وجعله ضيفه قال عليه السلام : " كانوا أهل قرية لئاماً " وقيل : شر القرى التي تبخل بالقرى { فَوَجَدَا فِيهَا } في القرية { جِدَاراً } طوله مائة ذراع { يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ } يكاد يسقط استعيرت الإرادة للمداناة والمشارفة كما استعير الهم والعزم لذلك { فَأَقَامَهُ } بيده أو مسحه بيده فقام واستوى ، أو نقضه وبناه كان الحال حال اضطرار وافتقار إلى المطعم وقد لزتهما الحاجة إلى آخر كسب المرء وهو المسائلة فلم يجدا مواسياً ، فلما أقام الجدار لم يتمالك موسى لما رآى من الحرمان ومساس الحاجة أن { قَالَ لَوْ شِئْتَ لاَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً } أي لطلبت على عملك جعلا حتى تستدفع به الضرورة . { لتخذت } بتخفيف التاء وكسر الخاء وإدغام الذال : بصري ، وبإظهارها : مكي ، وبتشديد التاء وفتح الخاء وإظهار الذال : حفص ، وبتشديد التاء وفتح الخاء وإدغام الذال في التاء : غيرهم . والتاء في «تخذ » أصل كما في «تبع » ، و«اتخذ » افتعل منه كاتبع من تبع وليس من الأخذ في شيء .