التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{وَإِذۡ قَالَ رَبُّكَ لِلۡمَلَـٰٓئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٞ فِي ٱلۡأَرۡضِ خَلِيفَةٗۖ قَالُوٓاْ أَتَجۡعَلُ فِيهَا مَن يُفۡسِدُ فِيهَا وَيَسۡفِكُ ٱلدِّمَآءَ وَنَحۡنُ نُسَبِّحُ بِحَمۡدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَۖ قَالَ إِنِّيٓ أَعۡلَمُ مَا لَا تَعۡلَمُونَ} (30)

قوله تعالى ( وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة )

أخرج مسلم بإسناده عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خلقت الملائكة من نور . وخلق الجان من مارج من نار . وخلق آدم مما وصف لكم " .

( الصحيح رقم 2996-الزهد ، ب في أحاديث متفرقة ) .

وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن بن محمد بن الصباح ثنا سعيد بن سليمان ثنا مبارك بن فضالة ثنا الحسن قال : قال الله للملائكة ( إني جاعل في الأرض خليفة ) قال لهم إني فاعل .

ورجاله ثقات إلا الحسن ومبارك فصدوقان ومبارك مدلس لا تقبل روايته إلا إذا صرح بالسماع وقد صرح فالإسناد حسن . وأخرجه الطبري من طريق جرير بن حازم ومبارك وأبي بكر الهذلي كلهم عن الحسن وقتادة بلفظه .

قال محمد بن سعد : أخبرنا هوذة بن خليفة ، أخبرنا عوف عن قسامة بن زهير قال سمعت أبا موسى الأشعري يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله تعالى خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض ، فجاء بنو آدم على قدر الأرض ، جاء منهم الأحمر والأبيض والأسود وبين ذلك ، والسهل والحزن والخبيث والطيب وبين ذلك " .

( الطبقات الكبرى 1/26 ) . وأخرجه أحمد ( المسند 4/400 ) ، والترمذي ( السنن رقم2955-التفسير-سورة البقرة )عن يحيى بن سعيد ومحمد بن جعفر عن عوف به . قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح . وأخرجه أبو داود من طريق يزيد بن زريع ويحيى بن سعيد ( السنن رقم 4693-السنة ، ب في القدر ) ، وأخرجه الحاكم من طريق معمر كلهم عن عوف به ، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي ( المستدرك 2/262 ، 261 ) ، وصححه الألباني في ( السلسلة الصحيحة رقم 1630 ) ؟ ، والحاكم شاكر في ( تفسير الطبري رقم 645 ) . وذكره السيوطي ونسبه إليهم وإلى غيرهم( الدر المنثور 1/118 ) .

أخرج البخاري ومسلم بسنديهما عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " خلق الله آدم وطوله ستون ذراعا ، ثم قال : اذهب فسلم على أولئك الملائكة فاستمع ما يحيونك ، تحيتك وتحية ذريتك . فقال : السلام عليكم فقالوا : السلام عليك ورحمة الله . فزادوه : ورحمة الله فكل من يدخل الجنة على صورة آدم ، فلم يزل الخلق ينقص حتى الآن " .

( صحيح البخاري رقم 3326-الأنبياء ، ب خلق آدم ) ، ( وصحيح مسلم رقم 2840-الجنة وصفة نعيمها ، ب يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير ) . واللفظ للبخاري . وذكره السيوطي ونسبه إليهما وإلى غيرهما ( الدر المنثور 1/118 ) .

قال مسلم : حدثنا حسن بن علي الحلواني . حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع . حدثنا معاوية ( يعني ابن سلام ) عن زيد ، أنه سمع أبا سلام يقول : حدثني عبد الله ابن فروخ ، أنه سمع عائشة تقول : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إنه خلق كل إنسان من بني آدم على ستين وثلاثمائة مفصل . فمن كبر الله ، وحمد الله ، وهلل الله ، سبح الله ، واستغفر الله ، وعزل حجرا عن طريق الناس ، أو شوكة او عظما عن طريق الناس ، وأمر بمعروف ، أو نهى عن منكر ، عدد تلك الستين والثلاثمائة السلامى . فإنه يمشي يومئذ وقد زحزح نفسه عن النار " .

قال أبو توبة : وربما قال ( يمسي ) .

( الصحيح رقم 1007-الزكاة ، ب بيان ان اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف )

قوله تعالى ( قالوا أتجعل من يفسد فيها ويسفك الدماء )

قال الحاكم : أخبرني عبد الله بن موسى الصيدلاني ، ثنا إسماعيل بن قتيبة ، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن بكير بن الأخنس ، عن مجاهد ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لقد أخرج الله آدم من الجنة قبل أن يدخلها أحد قال الله تعالى إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء و قد كان فيها قبل أن يخلق بألفي عام الجن بنو الجان فأفسدوا في الأرض وسفكوا الدماء فلما قال الله ( إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ) يعنون الجن بني الجان فلما أفسدوا في الأرض بعث عليهم جنودا من الملائكة فضربوهم حتى ألحقوهم بجزائر البحور قال فقال الملائكة أتجعل فيها من يفسد فيها كما فعل أولئك الجن بنو الجان قال فقال الله ( إني أعلم مالا تعلمون ) .

وصححه ووافقه الذهبي . ( المستدرك 2/261 ) . وقد يكون هذا الخبر من اهل الكتاب ولكنه من الأخبار التي لا تخالف نصا من الكتاب والسنة .

وأخرج الطبري وابن أبي حاتم بإسناديهما الحسن عن قتادة في قوله ( أتجعل فيها من يفسد فيها ) قال كان الله أعلمهم انه إذا كان في الأرض خلق أفسدوا فيها وسفكوا الدماء فذلك حين قالوا : أتجعل فيها من يفسد فيها .

قوله تعالى( ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك )

أخرج مسلم بإسناده عن أبي ذر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل أي الكلام أفضل ؟ قال : م اصطفى الله لملائكته أو لعباده . سبحان الله وبحمده .

( الصحيح رقم 2731-الذكر والدعاء ، ب فضل سبحان الله وبحمده ) ، وأخرجه البغوي في تفسيره من طريق مسلم به .

وأخرج الطبري وابن أبي حاتم بإسناديهما الحسن عن قتادة في قوله ( ونحن نسبح بحمدك ) قال : التسبيح ، التسبيح .

وأخرج الفريابي عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ( نسبح لك ونقدس لك )قال : نعظمك .

وإسناده حسن .

وأخرج الطبري بإسناده الصحيح عن مجاهد في قول الله ( ونقدس لك ) قال : نعظمك ونكبرك .

واخرج الطبري وابن أبي حاتم بإسناديهما الحسن عن قتادة في قوله ( ونقدس لك ) قال : التقديس : الصلاة .

قوله تعالى ( قال إني أعلم مالا تعلمون )

قال الطبري : وحدثنا احمد بن إسحاق الأهوازي ، قال : حدثنا أبو أحمد-وحدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا مؤمل –قالا جميعا : حدثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( وإني أعلم مالا تعلمون ) قال : علم من إبليس المعصية وخلقه لها .

وإسناده صحيح . وأخرجه اللالكائي من طريق على بن بذيمة عن مجاهد بلفظه . ( شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة ص546 ) .

وأخرج الطبري بإسناده الصحيح عن مجاهد في قول الله تعالى ( إني أعلم مالا تعلمون ) قال : علم من إبليس المعصية .

وأخرجه الطبري أيضا من طرق أخرى عن مجاهد بنحوه .

واخرج الطبري بإسناده الحسن عن سعيد عن قتادة قال ( إني أعلم مالا تعلمون ) فكان في علم الله انه سيكون من ذلك الخليفة أنبياء ورسل وقوم صالحون وساكنوا الجنة .

أخرج البخاري ومسلم بإسناديهما عن أبي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر ، ثم يعرج الذين باتوا فيكم ، فيسألهم-وهو أعلم بهم_ : كيف تركتم عبادي ؟ فيقولون : تركانهم وهم يصلون ، وأتيناهم وهم يصلون " .

( صحيح البخاري رقم 555 –مواقيت الصلاة ، ب فضل صلاة العصر ) ، ( وصحيح مسلم رقم 210-المساجد ومواضع الصلاة ، ب فضل صلاتي الصبح والعصر )واللفظ للبخاري . وذكره ابن كثير ثم قال : فقولهم أتيناهم وهم يصلون من تفسير قوله لهم ( إني أعلم مالا تعلمون ) . ( التفسير 1/130 ) .