التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{فَإِن لَّمۡ تَفۡعَلُواْ وَلَن تَفۡعَلُواْ فَٱتَّقُواْ ٱلنَّارَ ٱلَّتِي وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلۡحِجَارَةُۖ أُعِدَّتۡ لِلۡكَٰفِرِينَ} (24)

قوله تعالى ( فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا )

أخرج الطبري بإسناده الحسن عن قتادة : ( فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا ) أي لا تقدرون على ذلك ولا تطيقونه .

واخرج الشيخان في صحيحيهما بسنديهما عن ابي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ما من نبي من الأنبياء إلا قد أعطي من الآيات ما آمن على مثله البشر وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إلي فأرجو ان أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة .

( فتح الباري-فضائل القرآن-ب كيف نزل الوحي رقم 4981 ) ، ( وصحيح مسلم رقم 239-الإيمان ، ب وجوب لإيمان برسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ) واللفظ لمسلم . وذكره ابن كثير ثم قال : وإنما كان الذي أوتيته وحيا أي : الذي اختصصت به من نبيهم هذا القرآن المعجز للبشر ان يعارضوه بخلاف غيره من الكتب الإلهية فإنها ليست معجزة عند كثير من العلماء والله اعلم . ( التفسير 1/114 ) .

قوله تعالى ( فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة )

قال الطبري : حدثنا أبو كريب قال : حدثنا أبو معاوية ، عن مسعر ، عن عبد الملك بن ميسرة الزراد ، عن عبد الرحمن بن سابط ، عن عمرو بن ميمون ، عن عبد الله بن مسعود ، في قوله ( وقودها الناس والحجارة ) قال : هي حجارة من كبريت ، خلقها الله يوم السموات والأرض في السماء الدنيا ، يعدها للكافرين .

ورجاله ثقات والإسناد صحيح وأبو كريب هو محمد بن العلاء ، وأبو معاوية : محمد بن حازم وكلاهما ثقة . وأخرجه الحاكم من طريق مسعر به . ثم قال : صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وأقره الذهبي ( المستدرك 2/261 ) . وتعقبه الشيخ مقبل الو ادعي بقوله : والأثر على شرط مسلم فإن عبد الرحمن بن سابط ليس من رجال البخاري كما في تهذيب التهذيب والكاشف والخلاصة ( انظر هامش تفسير ابن كثير 1/115 ) . وقد بين الله سبحانه في سورة الأنبياء ان الكفار وأصنامهم من هؤلاء الناس والحجارة فقال ( إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم انتم لها واردون ) الآية 98 .

قوله تعالى ( أعدت للكافرين )

اخرج الطبري وابن أبي حاتم بإسناديهما عن محمد بن إسحاق بسنده الحسن عن ابن عباس ( أعدت للكافرين ) أي لمن كان على مثل ما انتم عليه من الكفر .

وقد وردت عدة احاديث تدل على ان النار موجودة الآن ومنها ما يلي :

أخرج الشيخان في صحيحيهما بسنديهما عن أبي هريرة رض الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ناركم جزء من سبعين جزءا من نار جهنم . قيل : يا رسول الله عن كانت لكافية ، قال : فضلت عليهن بتسعة وستين جزءا كلهن مثل حرها " .

( صحيح البخاري رقم 3265-بدء الخلق ، ب صفة النار وأنها مخلوقة ) ، ( وصحيح مسلم رقم 2843-الجنة وصفة نعيمها ، ب في شدة حر نار جهنم ) . وذكره السيوطي في ( الدر المنثور 1/91 ، 90 ) .

وأخرج الشيخان في صحيحيهما بسنديهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " تحاجت الجنة والنار ، فقالت النار أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين ، وقالت الجنة مالي لا يدخلني إلا ضعفاء الناس وسقطهم . قال الله تبارك وتعالى للجنة انت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي ، وقال للنار إنما أنت عذاب أعذب بك من أشاء من عبادي ، ولكل واحدة منهما ملؤها ، فأما النار فلا تمتلئ ، حتى يضع رجله فتقول قط قط قط ، فهناك تمتلئ ويزوى بعضها إلى بعض ولا يظلم الله عز وجل من خلقه أحدا وأما الجنة فإن الله عز وجا ينشئ لها خلقا " .

( صحيح البخاري 2/15 رقم 533-المواقيت ، ب الإبراد بالظهر في شدة الحر ) ، ( وصحيح مسلم رقم 615-المساجد ، ب استحباب الإبراد بالظهر ) . واللفظ للبخاري . وقد أخرجه أيضا من حديث ابن عمر وذكره ابن كثير مختصرا ( التفسير 1/116 ) .

وأخرج الشيخان بسنديهما عن أبي هريرة مرفوعا : " إذا اشتد الحر فابردوا عن الصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم .

( صحيح البخاري 2/15رقم533-المواقيت ، ب الإبراد بالظهر في شدة الحر ) ، ( وصحيح مسلم رقم 615- المساجد ، ب استحباب الإبراد بالظهر ) . واللفظ للبخاري . وقد اخرجه أيضا من حديث ابن عمر وذكره ابن كثير مختصرا ( التفسير 1/116 ) .

وأخرج مسلم بإسناده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم . إذ سمع وجبة . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " تدرون ما هذا ؟ " قال قلنا : الله ورسوله أعلم ، قال : " هذا حجر رمي به في النار منذ سبعين خريفا . فهو يهوي في النار إلى الآن ، حتى انتهى إلى قعرها " .

( الصحيح رقم 2844- الجنة وصفة نعيمها ، ب في شدة حر نار جهنم ) . وذكره ابن كثير ( التفسير 1/116 ) .