التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{فِيهِ ءَايَٰتُۢ بَيِّنَٰتٞ مَّقَامُ إِبۡرَٰهِيمَۖ وَمَن دَخَلَهُۥ كَانَ ءَامِنٗاۗ وَلِلَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلۡبَيۡتِ مَنِ ٱسۡتَطَاعَ إِلَيۡهِ سَبِيلٗاۚ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (97)

قوله تعالى{ فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا }

أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة ومجاهد : { فيه آيات بينات مقام إبراهيم }قال : مقام إبراهيم ، من الآيات البينات .

أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد : { فيه آيات بينات }قال : قدماه في المقام آية بينة . يقول : { ومن دخله كان آمنا }وهذا كان في الجاهلية ، كان الرجل لو جر كل جريرة على نفسه ، ثم لجأ إلى حرم الله ، لم يتناول ولم يطلب . فأما في الإسلام فإنه لا يمنع من حدود الله ، من سرق فيه قطع ، ومن زنى فيه أقيم عليه الحد ، ومن قتل فيه قتل .

وعن قتادة : { أن الحسن كان يقول : إن الحرم لا يمنع من حدود الله . لو أصاب حدا في غير الحرم ، فلجأ إلى الحرم ، ولم يمنعه ذلك ان يقام عليه الحد .

قوله تعالى{ ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا }

قال البخاري : حدثنا عبد الله بن يوسف ، أخبرنا مالك ، عن ابن شهاب ، عن سليمان بن يسار ، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال : كان الفضل رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر ، فقالت : يا رسول الله عن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يثبت على الراحلة ، أفأحج عنه ؟ قال : " نعم " وذلك في حجة الوداع .

( الصحيح3/378 ح1513-ك الحج ، ب وجوب الحج وفضله ) .

وانظر حديث البخاري تحت الآية رقم( 126 )من سورة البقرة .

قال أبو داود : حدثنا زهير بن حرب وعثمان بن أبي شيبة المعنى ، قالا : ثنا يزيد ابن هارون ، عن سفيان بن حسين ، عن الزهري ، عن أبي سنان ، عن ابن عباس ان الأقرع بن حابس سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله الحج في كل سنة او مرة واحدة ؟ قال : " بل مرة واحدة ، فمن زاد فهو تطوع " .

قال أبو داود : هو ابو سنان الدؤلي ، كذا قال عبد الجليل بن حميد وسليمان ابن كثير جميعا عن الزهري ، وقال عقيل : عن سنان . ( السنن2/139 ح1721-ك المناسك ، ب فرض الحج ) ، وأخرجه النسائي( 5/111-ك المناسك ، ب وجوب الحج ) ، وابن ماجه( ك المناسك ، ب فرض الحج رقم 2886 ) ، والحاكم في المستدرك( 1/441 و470-ك المناسك )من طرق عن الزهري به . قال الحاكم : إسناده صحيح ، وأبو سنان هذا هو الدؤلي ولم يخرجاه ووافقه الذهبي . وعند بعضهم بدون اسم السائل . وصححه الألباني في( صحيح سنن أبي داود ح1514 ) .

أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن ابن أبي طلحة عن ابن عباس قال : السبيل ان يصح بدن العبد ، ويكون له ثمن زاد وراحلة من غير ان يجحف به .

قوله تعالى{ ومن كفر فإن الله غني عن العالمين }

قال الشيخ الشنقيطي : قوله تعالى{ ومن كفر فإن الله غني عن العالمين }صرح في هذه الآية غنه غني عن خلقه وإن كفر من كفر منهم لا يضره شيئا ، وبين هذا المعنى في مواضع متعددة ، كقوله عن نبيه موسى{ وقال موسى إن تكفروا انتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد }وقوله { إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر }وقوله{ فكفروا وتولوا واستغنى الله والله غني حميد }وقوله{ وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه هو الغني }إلى غير ذلك من الآيات ، فالله تبارك وتعالى يأمر الخلق وينهاهم ، لا لأنه تضره معصيتهم وتنفعه طاعتهم ، بل نفع طاعتهم لهم وضرر معصيتهم عليهم ، كما قال تعالى{ إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها }وقال{ من عمل صاحا فلنفسه ومن أساء فعليها }وقال{ يا أيها الناس انتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد } .

أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن ابن ابي طلحة عن ابن عباس قال : من كفر بالحج فلم يرجحه برا ، ولا تركه ماثما .

قال الطبري : حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن بن المهدي قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد في قوله : { ومن كفر }قال : من كفر بالله واليوم الآخر .

ورجاله ثقات وإسناده صحيح .