التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{۞وَٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَلَا تُشۡرِكُواْ بِهِۦ شَيۡـٔٗاۖ وَبِٱلۡوَٰلِدَيۡنِ إِحۡسَٰنٗا وَبِذِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡيَتَٰمَىٰ وَٱلۡمَسَٰكِينِ وَٱلۡجَارِ ذِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡجَارِ ٱلۡجُنُبِ وَٱلصَّاحِبِ بِٱلۡجَنۢبِ وَٱبۡنِ ٱلسَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُكُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخۡتَالٗا فَخُورًا} (36)

قوله تعالى : ( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ) . قال البخاري : حدثنا هدبة بن خالد ، حدثنا همام ، حدثنا قتادة : حدثنا أنس ابن مالك ، عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : بينا أنا رديف النبي صلى الله عليه وسلم ليس بيني و بينه إلا آخرة الرحل فقال : «يا معاذ " ، قلت : لبيك يا رسول الله وسعديك ، ثم سار ساعة ، ثم قال : «يا معاذ «قلت لبيك يا رسول الله وسعديك . ثم سار ساعة ، ثم قال : «يا معاذ بن جبل " ، قلت : لبيك يا رسول الله وسعديك . قال : «هل تدري ما حق الله على عباده ؟ قلت : الله و رسوله أعلم . قال : «حق الله على عباده : أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا . ثم سار ساعة ثم قال : «يا معاذ بن جبل " ، قلت : لبيك يا رسول الله وسعديك . قال : «هل تدري ما حق العباد على الله إذا فعلوه ؟ قلت : الله ورسوله أعلم . قال : «حق العباد على الله أن لا يعذبهم " .

( الصحيح 11/345 ح 6500 – ك الرقاق – ب من جاهد نفسه في طاعة الله ) .

قال البخاري : حدثنا أبو الوليد هشام بن عبد الملك قال حدثنا شعبة قال : الوليد بن العيزار أخبرني قال : سمعت أبا عمرو الشيباني يقول : حدثنا صاحب هذه الدار- وأشار إلى دار عبد الله – قال : سألت النبي صلى الله عليه وسلم : أي العمل أحب إلى الله ؟ قال : «الصلاة على وقتها " . قال : ثم أي ؟ قال : «ثم بر الوالدين " . قال : ثم أي ؟ قال : «الجهاد في سبيل الله " . قال حدثني بهن ، ولو استزدته لزادني .

( الصحيح 2/12 ح 527 – ك مواقيت الصلاة ، ب فضل الصلاة لوقتها ) . أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن مقاتل بن حيان في قول الله تعالى : ( وبالوالدين إحسانا ) فيما أمركم به من حق الوالدين .

قوله تعالى ( وبذي القربى و اليتامى و المساكين و الجار ذي القربى و الجار الجنب و الصاحب بالجنب و ابن السبيل و ما ملكت أيمانكم )

قال أحمد : ثنا إبراهيم بن أبي العباس قال ثنا بقية قال ثنا بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن المقدام بن معدي كرب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ما أطعمت نفسك فهو لك صدقة و ما أطعمت ولدك فهو لك صدقة و ما أطعمت زوجك فهو لك صدقة وما أطعمت خادمك فهو لك صدقة " .

( المسند 4/131 ) ، و أخرجه النسائي في الكبرى ( 5/382 ح 9204 ) من طريق عيسى بن أحمد عن بقية به . قال ابن كثير : إسناده صحيح و لله الحمد . ( التفسير 2/264 ) .

وانظر حديث أبي داود عن علي المتقدم عند الآية ( 83 ) من سورة البقرة .

وانظر حديث مسلم عن أبي هريرة المتقدم عند الآية ( 273 ) من سورة البقرة .

قال البخاري : حدثنا إسماعيل بن أبي أويس قال حدثني مالك عن يحيى بن سعيد قال أخبرني أبو بكر ابن محمد عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه " .

( الصحيح 10/455 ح 6014-ك الأدب ، ب الوصاة بالجار ) .

قال مسلم : حدثنا أبو كامل الجحدري و إسحاق بن إبراهيم – و اللفظ لإسحاق – قال أبو كامل : حدثنا . وقال إسحاق : أخبرنا عبد العزيز بن عبد الصمد العمي . حدثنا أبو عمران الجوني عن عبد الله بن الصامت ، عن أبي ذر . قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يا أبا ذر إذا طبخت مرقة ، فأكثر ماءها ، وتعاهد جيرانك " . ( الصحيح 4/2025- ك البر و الصلة و الآداب ، ب الوصية بالجار ، و الإحسان إليه بعد رقم 2625 ) .

وقال البخاري : حدثنا عبد الله بن يوسف حدثنا الليث قال حدثني سعيد المقبري عن أبي شريح العدوي قال : سمعت أذناي و أبصرت عيناي حين تكلم النبي صلى الله عليه وسلم فقال : «من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فليكرم جاره ، ومن كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فليكرم ضيفه جائزته " ، قيل : وما جائزته يا رسول الله ؟ قال : «يوم وليلة ، والضيافة ثلاثة أيام ، فما كان وراء ذلك فهو صدقة عليه . ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت " .

( الصحيح 10/445ح 6019 – ك الأدب ، ب من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره ) .

قال الترمذي : حدثنا أحمد بن محمد . حدثنا عبد الله بن المبارك عن حيوة بن شريح عن شرحبيل بن شريك عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه ، وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره " . ( السنن 4/333 ح 1944- ك البر و الصلة ، ب ما جاء في حق الجوار ) . وقال حديث حسن غريب . و أخرجه الدارمي في سننه ( 2/215_ ك السير ، ب في حسن الصحبة ) من طريق عبد الله بن يزيد ، عن حيوة وابن لهيعة ، عن شرحبيل به . والحاكم في المستدرك ( 4/164 ) وقال : صحيح على شرط الشيخين و لم يخرجاه ، و أقره الذهبي ، و تعقبهما الألباني : بأن ابن مسلم لم يخرج له الشيخان ، وأن ابن شريك قد احتج به مسلم وحده ، وهما ثقتان . ثم نقل عن ابن بشران قوله : حديث صحيح وإسناده كلهم ثقات . قال : وهو كما قال ( سلسلة الأحاديث الصحيحة رقم 103 ) .

أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : قوله : ( والجار ذي القربى ) الذي بينك وبينه قرابة .

أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال :

قوله تعالى : ( والجار الجنب ) الذي ليس بينك وبينه قرابة .

أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال :

قوله ( والصاحب بالجنب ) الرفيق .

أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة : ( والصاحب بالجنب ) ، وهو الرفيق في السفر .

قال الطبري حدثنا الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا عبد الرزاق قال ، أخبرنا معمر ، عن قتادة وابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( وابن السبيل ) ، هو الذي يمر عليك وهو مسافر .

وإسناده صحيح .

وانظر تفسير سورة البقرة الآية ( 177 ) .

قال البخاري : حدثنا آدم بن أبي إياس ، حدثنا شعبة ، حدثنا واصل الأحدب قال : سمعت المعرور بن سويد قال : رأيت أبا ذر الغفاري رضي الله عنه وعليه حلة وعلى غلامه حلة ، فسألناه عن ذلك فقال : إني ساببت رجلا فشكاني إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال لي النبي صلى عليه وسلم : «أعيرته بأمه « ؟ ثم قال : «إن إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم ، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل و يلبسه مما يلبس ، و لا تكلفوهم ما يغلبهم ، فإن كلفتموهم ما يغلبهم فأعينوهم " .

( الصحيح 5/206 ح 2545 – ك العتق ، ب قول النبي صلى الله عليه وسلم : «العبيد إخوانكم " ) ، و أخرجه مسلم بنحوه عن أبي هريرة ( الصحيح 3/1284 ح 1662 – ك الإيمان ، ب إطعام المملوك مما يأكل وإلباسه مما يلبس ، و لا يكلفه ما يغلبه ) .

قوله تعالى ( إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا )

قال أبو داود : حدثنا مسدد ، ثنا يحيى ، عن ابن غفار ، ثنا أبو تميمة الهجيمي ، - و أبو تميمة إسمه طريف بن مجالد – عن أبي جري جابر بن سليم ، قال : رأيت رجلا يصدر الناس عن رأيه ، لا يقول شيئا إلا صدروا عنه ، قلت : من هذا ؟ قالوا : هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت : عليك السلام يا رسول الله مرتين ، قال : «لا تقل عليك السلام ، فإن عليك السلام تحية الميت ، قل السلام عليك " . قال : قلت : أنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : «أنا رسول الله الذي إذا أصابك ضر فدعوته كشفه عنك ، وإن أصابك عامة سنة فدعوته أنبتها لك ، وإذا كنت بأرض قفراء أو فلاة فضلت راحلتك فدعوته ردها عليك «قلت : اعهد إلي قال : «لا تسبن أحدا «قال : فما سببت بعده حرا و لا عبدا ولا بعيرا ولا شاة ، قال : «ولا تحقرن شيئا من المعروف ، وإن تكلم أخاك وأنت منبسط إليه وجهك إن ذلك من المعروف ، و ارفع إزارك إلى نصف الساق ، فإن أبيت فإلى الكعبين ، وإياك وإسبال الإزار فإنها من المخيلة ، وإن الله لا يحب المخيلة ، وإن امرؤ شتمك وعيرك بما يعلم فيك لا تعيره بما تعلم فيه فإنما وبال ذلك عليه " .

( السنن 4/56 ح 4084 – ك اللباس – ب ما جاء في إسبال الإزار ) ، و أخرجه الترمذي ( السنن 5/72 ح 2722- ك الاستئذان – ب ما جاء في كراهية أن يقول : عليك السلام مبتدئا ) من طريق أبي أسامة ، عن أبي غفار به ، وأخرجه أحمد ( المسند 5/63 – 64 ) من طرق عدة ، عن أبي تميمة به . قال الترمذي : حديث حسن صحيح . وصححه الحافظ ابن حجر ( الفتح 11/5 ) . وقال الألباني : صحيح ( صحيح أبي داود ح 3442 ) .

و انظر حديث مسلم عن ابن مسعود الآتي عند سورة الأعراف آية ( 31 ) وهو حديث : «الكبر بطر الحق وغمط الناس " .

قال أحمد : ثنا يزيد ، أنا الأسود بن شيبان ، عن يزيد أبو العلاء ، عن مطرف ابن عبد الله بن الشخير ، قال : بلغني عن أبي ذر حديث فكنت أحب أن ألقاه ، فلقيته فقلت له : يا أبا ذر بلغني عنك حديث فكنت أحب أن ألقاك فأسألك عنه . فقال : قد لقيت فسأل قال : قلت بلغني أنك تقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «ثلاثة يحبهم الله عز وجل ، وثلاثة يبغضهم الله عز وجل « ؟ قال : نعم فما إخالني أكذب على خليلي محمد صلى الله عليه وسلم . ثلاثا يقولها . قال : قلت من الثلاثة الذين يحبهم الله عز وجل ؟ قال : رجل غزا في سبيل الله فلقي العدو مجاهدا محتسبا فقاتل حتى قتل وأنتم تجدون في كتاب الله عز وجل ( إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا ) ورجل له جار يؤذيه فيصبر على أذاه و يحتسبه حتى يكفيه الله إياه بموت أو حياة ، و رجل يكون مع قوم فيسيرون حتى يشق عليهم الكرى أو النعاس فينزلون في آخر الليل فيقوم إلى وضوئه وصلاته . قال : قلت من الثلاثة الذين يبغضهم الله ؟ قال : الفخور المختال وأنتم تجدون في كتاب الله عز وجل ( إن الله لا يحب كل مختال فخور ) والبخيل المنان ، والتاجر والبياع الحلاف . قال : قلت يا أبا ذر ما المال ؟ قال : فرق لنا وذرد . يعني بالفرق غنما يسيرة . قال قلت لست عن هذا أسأل إنما أسألك عن صامت المال قال : ما أصبح لا أمسى وما أمسى لا أصبح . قال : قلت :

يا أبا ذر مالك ولإخوتك قريش ؟ قال : والله لا أسألهم دنيا ولا استفتيهم عن دين الله تبارك وتعالى حتى ألقى الله ورسوله . ثلاثا يقولها .

( المسند 5/176 ) ، أخرجه الطيالسي ( المسند ح 368 ) عن الأسود به ، و أخرجه الطبراني ( المعجم الكبير ح 1637 ) ، والحاكم ( المستدرك 2/88 ، 89 ) ، والبيهقي ( السنن 9/160 ) كلهم من طريق الأسود به . قال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط مسلم و لم يخرجاه . ووافقه الذهبي . وقد تابع مطرفا زيد بن ظبيان : أخرجه الترمذي ( السنن 4 /698 ح 2568 ) و النسائي ( السنن 5/84 ) و ابن حبان ( الإحسان 8/137 ح 3349 ) من طريق ربعي بن حراش عن زيد بن ظبيان به مختصرا . قال الترمذي : هذا حديث صحيح . وقال الحافظ العراقي : إسناد جيد ( تخريج الإحياء 4/1705 ح 2671 ) وصححه السيوطي ( الجامع الصغير 3/335 ح 3550 ) ، وصححه الألباني ( صحيح الجامع الصغير ح 3074 ) .