نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{فَقَدۡ كَذَّبُوكُم بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسۡتَطِيعُونَ صَرۡفٗا وَلَا نَصۡرٗاۚ وَمَن يَظۡلِم مِّنكُمۡ نُذِقۡهُ عَذَابٗا كَبِيرٗا} (19)

ولما كان هذا أمراً واقعاً لا محالة ، التفت إليهم مبكتاً فقال معبراً بالماضي بعد " قد " المقربة المحققة : { فقد كذبوكم } أي المعبودون كذبوا العابدين بسبب إلقائهم السلم المقتضي لأنهم لا يستحقون العبادة وأنهم يشفعون لكم مقهورين مربوبين { بما } أي بسبب ما { تقولون } أيها العابدون من أنهم يستحقون العبادة ، وأنهم يشفعون لكم ، وأنهم أضلوكم ، وفي قراءة ابن كثير بالتحتانية المعنى : بما يقول المعبودون من التسبيح لله والإذعان ، في ادعائكم أنهم أضلوكم .

ولما تسبب عن إلقائهم السلم وتخليهم عمن عبدهم أنه لا نفع في أيديهم ولا ضر ، قال : { فما يستطيعون } أي المعبودون { صرفاً } أي لشيء من الأشياء عن أحد من الناس ، لا أنتم ولا غيركم ، من عذاب ولا غيره ، بوجه حيلة ولا شفاعة ولا مفاداة { ولا نصراً } بمغالبة ، وهو نحو قوله تعالى

{ فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلاً }[ الإسراء : 56 ] .

ولما كان التقدير : فمن يعدل منكم لسماع هذا الوعظ بوضع العبادة في موضعها نثبه ثواباً جليلاً ، عطف عليه ما المقام له فقال : { ومن يظلم منكم } بوضعها في غير موضعها ، وباعتقاده في الرسل ما لا ينبغي من أنه لا ينبغي لهم أن يكونوا مثل الناس في أكل ولا طلب معيشة ونحو ذلك { نذقه } في الدنيا والآخرة ، بما لنا من العظمة { عذاباً كبيراً* } .