فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{فَقَدۡ كَذَّبُوكُم بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسۡتَطِيعُونَ صَرۡفٗا وَلَا نَصۡرٗاۚ وَمَن يَظۡلِم مِّنكُمۡ نُذِقۡهُ عَذَابٗا كَبِيرٗا} (19)

{ فَقَدْ كَذَّبُوكُم } وفي الكلام حذف ، والتقدير فقال الله عند تبري المعبودين مخاطبا للمشركين العابدين لغير الله فقد كذبكم المعبودون ، وقرئ مخففا أي كذبوكم في قولهم { بِمَا تَقُولُونَ } أي في قولكم أنهم آلهة وهذه المفاجأة بالاحتجاج والإلزام حسنة رائعة ، وخاصة إذا انضم إليها الالتفات ، وحذف القول ، ونظيرها { يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل } ، إلى قوله { فقد جاءكم بشير ونذير } وقول القائل :

قالوا خراسان أقصى ما يراد بنا *** ثم القفول فقد جئنا خراسانا

وقال ابن زيد : المعنى قد كذبوكم أيها المؤمنون ، هؤلاء الكفار بما جاء به محمد صلى الله عليه وآله وسلم وعلى هذا فمعنى بما تقولون : بما تقولونه من الحق وقرئ فقد كذبوكم مخففا ، وبما يقولون بالتحتية أي كذبوكم في قولهم .

{ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ } أيها الكفار { صَرْفًا } أي دفعا للعذاب عنكم بوجه من الوجوه وقيل حيلة { وَلَا نَصْرًا } أي نصركم ، وقرئ بالتحتية فالمعنى فما يستطيع آلهتكم أن يصرفوا عنكم العذاب أو ينصروكم ، وقيل المعنى فما يستطيع هؤلاء الكفار لما كذبهم المعبودون صرفا للعذاب الذي عذبهم الله به ولا نصرا من الله وقال أبو عبيد : المعنى فما يستطيعون لكم صرفا عن الحق الذي هداكم الله إليه ولا نصرا لأنفسهم بما ينزل بهم من العذاب بتكذيبهم إياكم { وَمَن يَظْلِم مِّنكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا } هذا وعيد لكل ظالم ويدخل تحتهم الذين فيهم السياق دخولا أوليا ، والعذاب الكبير عذاب النار ، وفسر الخلود فيها ، وهو يليق بالمشرك دون الفاسق إلا على قول المعتزلة والخوارج .

وقرئ يذقه بالتحتية وهذه الآية وأمثالها مقيدة بعدم التوبة ، وعن الحسن قال : الظلم هو الشرك ، وقال ابن جريج : يظلم يشرك