السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{فَقَدۡ كَذَّبُوكُم بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسۡتَطِيعُونَ صَرۡفٗا وَلَا نَصۡرٗاۚ وَمَن يَظۡلِم مِّنكُمۡ نُذِقۡهُ عَذَابٗا كَبِيرٗا} (19)

وقوله : { فقد كذبوكم } فيه التفات إلى العبدة بالاحتجاج والإلزام على حذف القول ، والمعنى : فقد كذب المعبودون العابدين { بما } أي : بسبب ما { تقولون } أي : أيها العابدون من أنهم يستحقون العبادة ، وأنهم يشفعون لكم وأنهم أضلوكم ، ولما تسبب عن تخليهم عن عبدتهم أنه لا نفع في أيديهم ولا ضر قال تعالى : { فما يستطيعون } أي : المعبودون { صرفاً } أي : لشيء من الأشياء عن أحد من الناس لا أنتم ولا غيركم من عذاب ولا غيره بوجه حيلة ولا شفاعة ولا معاداة { ولا نصراً } أي : منعاً لكم من الله تعالى إن أراد بكم سوءاً ، وهذا نحو قوله تعالى : { فلا يملكون كشف الضّر عنكم ولا تحويلا } ( الإسراء ، 56 ) ، وقرأ حفص بالتاء على الخطاب ، والباقون بالياء على الغيبة { ومن يظلم } أي : بالشرك { منكم } أي : أيها المكلفون { نذقه } أي بما لنا من العظمة { عذاباً كبيراً } أي : شديداً في الدنيا بالقتل أو الأسر أو ضرب الجزية ، وفي الآخرة بنار جهنم .